كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 22 """"""
ذكر فتح جزيرة الأندلس وشيء من أخبارها
كان فتح الأندلس في سنة اثنتين وتسعين على يد طارق ابن زياد مولى بن نصير . وقد ذكر ابن الأثير في تاريخه الكامل أخبار الأندلس وابتداء أمرها . فاخترنا إيراد ذلك لأنها من أعظم الفتوحات الإسلامية .
قال ابن الأثير : قالوا : أول من سكنها بعد الطوفان قوم يعرفون بالاندلس - بشين معجمة - ثم عرّب بعد ذلك بسين مهملة ، والنصارى تسميها إشبانية باسم رجل صلب فيها يقال له إشبانش ، وقيل : باسم ملك كان لها في الزمان الأول اسمه إشبان بن طيطش . وهذا هو اسمها عند بطليموس . وقيل : سميت بأندلس بن يافث بن نوح ، وهو أول من عمرها .
وقيل : أول من سكنها بعد الطوفان قوم يعرفون بالأندلس فعمروها وتداولوا ملكها دهراً طويلاً ، وكانوا مجوساً . ثم حبس الله عنهم المطر وتوالى عليهم القحط . فهلك أكثرهم ، وفر منها من أطاق الفرار . فخلت مائة سنة .
ثم ابتعث الله لعمارتها الأفارقة . فدخل إليها قوم منهم أجلاهم ملك إفريقية لقحط توالى على بلاده حتى كاد يفنى أهلها . فحملهم في السفن مع أمير من عنده . فأرسوا بجزية قادس . فرأوا الأندلس وقد أخصبت بلادها وجرت أنهارها . فسكنوها وعمروها . ونصبوا لهم ملوكاً ضبطوا أمرهم . وكانت دار مملكتهم طائفة الخراب من أرض إشبيلية ، بنوها وسكنوها . وأقاموا مدة تزيد على مائة وخمسين سنة ، ملك منهم فيها أحد عشر ملكاً . ثم أرسل الله عليهم عجم رومة ، وملكهم إشبان بن طيطش فغزاهم ومزقهم وقتل منهم وحاصرهم بطالقة ، وقد تحصنوا بها ، فابتني عليها إشبانية - وهي إشبيلية - واتخذها دار مملكته . وكثرت جموعه وعتا وتجبر . وغزا بيت المقدس وغنم ما فيه ، وقتل منه مائة ألف ، ونقل المرمر منه إلى إشبيلية وغيرها . وغنم منه

الصفحة 22