كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 220 """"""
في مائتي رجل ، فلو قصده زيد لقتله ، والريان يتبع آثار زيد بالكوفة في أهل الشام . فأخذ زيد على مصلي خالد حتى دخل الكوفة . وسار بعض أصحابه نحو جبانة مخنف بن سليم فلقوا أهل الشام فقاتلوهم . فأسر أهل الشام منهم رجلاً ، فأمر به يوسف بن عمر فقتل .
فلما رأى زيد خذلان الناس إليه قال : يا نصر بن خزيمة ، أتخاف أن يكونوا فعلوها حسينية ؟ قال : أما أنا فو الله لأقاتلن معك حتى أموت ، وإن الناس بالمسجد فامض بنا إليهم . فلقيهم عبيد الله بن العباس الكندي عند دار عمر بن سعد ، فاقتتلوا فانهزم عبيد الله وأصحابه . وجاء زيد حتى انتهى إلى باب المسجد . فجعل أصحابه يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون : يا أهل المسجد ، اخرجوا من الذل إلى العز ، اخرجوا إلى الدين والدنيا فإنكم لستم في دين ولا دينا . فرماهم أهل الشام بالحجارة من فوق المسجد .
وانصرف الريان عند المساء إلى الحيرة . وانصرف زيد فيمن معه . وخرج إليه ناس من أهل الكوفة . فنزل دار الرزق . فأتاه الريان بن سليمة فقاتله عن دار الرزق . وخرج أهل الشام مساء يوم الأربعاء أسوأ شيء ظناً . فلما كان الغد أرسل يوسف بن عمر العباس بن سعد المزني في أهل الشام ، فانتهى إلى زيد في دار الرزق . فلقيه زيد وعلى مجنبتيه نصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة ، فاقتتلوا قتالاً شديداً . وحمل نائل بن فروة العبسي من أهل الشام على نصر بن خزيمة . فضربه بالسيف فقطع فخذه ، وضربه نصر فقتله . ولم يلبث نصر أن مات . واشتد قتالهم فانهزم أصحاب العباس ، وقتل منهم نحو من سبعين رجلاً .
فلما كان العشي عبأهم يوسف بن عمر ثم سرحهم . فالتقوا هم وأصحاب زيد ، فحمل عليهم في أصحابه ، فكشفهم . وتبعهم حتى أخرجهم إلى السبخة ثم حمل عليهم بالسبخة حتى أخرجهم إلى بني سليم .
وجعلت خيلهم لا تثبت لخيله . فبعث العباس إلى يوسف يعلمه ذلك وقال له : ابعث إلى الناشبة . فبعثهم إليه ، فجعلوا يرمون أصحاب زيد . فقاتل معاوية بن إسحاق الأنصاري بين يدي زيد قتالاً شديداً فقتل . وثبت زيد ومن معه إلى الليل . فرمي زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فثبت في دماغه . ورجع أصحابه ، ولا يظن أهل الشام أنهم رجعوا إلا للمساء والليل .

الصفحة 220