كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 228 """"""
ومضى ابن معاوية إلى خراسان . فسار معن بن زائدة يطلب منصور بن جمهور فلم يدركه ، فرجع . وكان مع ابن معاوية من الخوارج وغيرهم خلق كثير ، فأسر منهم أربعون ألفاً ، وكان ممن أسر عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس فسبّه ابن ضبارة وقال : ما جاء بك إلى ابن معاوية وقد عرفت خلافة أمير المؤمنين فقال : كان عليّ دين فأتيته فشفع فيه حرب بن قطن الهلالي وقال : هو ابن أختنا فوهبه له . فعاب عبد الله بن علي عبد الله بن معاوية ورمى أصحابه باللواط فسيّره ابن ضبارة إلى ابن هبيرة ليخبره أخبار ابن معاوية .
وسار في طلب عبد الله بن معاوية إلى شيراز فحصره بها . فخرج عبد الله منها هارباً ومعه أخواه الحسن ويزيد ابنا معاوية وجماعة من أصحابه . وسلك المفازة على كرمان . وقصد خراسان طمعا في أبي مسلم لأنه يدعو إلى الرّضا من آل محمد ، وقد استولى على خراسان . فوصل إلى نواحي هراة وعليها أبو نصر مالك بن الهيثم الخزاعي . فأرسل إلى ابن معاوية يسأله عن قدومه ، فقال : بلغني أنكم تدعون إلى الرضا من آل محمد فأرسل إليه مالك : انتسب نعرفك . فانتسب له فقال : أما عبد الله وجعفر فمن أسماء آل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأما معاوية فلا نعرفه في أسمائهم . فقال : إن جدي كان عند معاوية بن أبي سفيان لما وُلد له أبي ، فطلب إليه أن يسمي ابنه باسمه ، ففعل ، فأرسل إليه معاوية بمائة ألف درهم . فأرسل إليه مالك : لقد اشتريتم الاسم الخبيث بالثمن اليسير ، ولا نرى لك حقاً فيما ندعو إليه ثم أرسل إلى أبي مسلم يعرفه خبره . فأمره بالقبض عليه وعلى من معه ، فقبض عليهم وحبسوا . ثم ورد عليه كتاب أبي مسلم يأمره بإطلاق الحسن ويزيد ابني معاوية وقتل عبد الله بن معاوية . فأمر من وضع فراشاً على وجهه . فمات وأخرج فصلى عليه ودفن .
وكان عبد الله بن معاوية شاعراً مجيداً . فمن قوله :
ولا تركبّن الصّنيع الذي . . . تلوم أخاك على مثله ولا يعجبنك قول امرىء . . . يخالف ما قال في فعله
فهؤلاء الذين ظهروا من الطالبيين في الدولة الأموية وقتلوا . ثم ظهر في الدولة العباسية من نذكرهم إن شاء الله تعالى ، والله أعلم بالصواب . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً .

الصفحة 228