كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 23 """"""
مائدة سليمان بن داوود عليهما السلام ، وهي التي غنمها طارق لما فتح طليطلة ، وغنم قليلة الذهب والحجر الذي لقي بماردة .
وكان هذا إشبان قد وقف عليه الخضر ، هو يحرث الأرض فقال له : يا إشبان ، سوف تحظى وتعلوا وتملك . فإذا ملكت إيليا فارفق بذرية الأنبياء . فقال له : أتسخر بي وكيف ينال مثلي الملك ؟ . فقال له : قد جعله فيك من جعل عصاك هذه كما ترى فنظر إليها ، فإذا هي قد أورقت . فارتاع وذهب عنه الخضر وقد وثق بقوله . فداخل الناس وارتقى حتى ملك ملكاً عظيماً . وكان ملكه عشرين سنة ودام ملك الإشبانية إلى أن ملك منهم خمسة وخمسون ملكاً .
ثم دخل عليها من عجم رومة أمة يدعون البشتولقات ، وملكهم طلوبش بن بيطة ، وذلك حين بعث الله المسيح عليه السلام . فغلبوا عليها ، واستولوا على ملكها ، وقتلوا ملكها . وملك منهم سبعة وعشرون ملكاً . وكانت مدينة ماردة دار ملكهم .
ثم دخلت عليهم أمة القوط مع ملك لهم . فغلبوا على الأندلس واقتطعوها من صاحب رومة . وكان ظهورهم من ناحية أنطالية شرق الأندلس ، فأغارت على بلاد مجدونية من تلك الناحية في أيام قليوديوس قيصر ، ثالث القياصرة . فخرج إليهم وهزمهم وقتل فيهم . ولم يظهروا بعدها إلى أيام قسطنطين الأكبر . وأعادوا الغارة . فسير إليهم جيشاً فلم يثبتوا له . وانقطع خبرهم إلى دولة ثالث ملك بعد قسطنيطين ، فقدموا على أنفسهم أميراً اسمه لذريق ، وكان يعبد الأوثان . فسار إلى رومة ليحمل النصارى على السجود لأوثانه وظهر منه سوء سيرة ، فتخاذل أصحابه عنه ومالوا إلى أخيه وحاربوه . فاستعان بصاحب رومة . فبعث إليه جيشاً فهزم أخاه ودان بدين النصارى . وكانت ولايته ثلاث عشرة سنة . ثم ولي بعده أقريط ، وبعده أمريق وبعده وغديش . وكانوا قد عادوا إلى عبادة الأوثان . فجمع من أصحابه مائة ألف وسار إلى رومة . فسير إليه ملك الروم جيشاً فهزموه وقتلوه . ثم ملك بعده الريق .
ثم تداولها عدة ملوك ذكرهم ابن الأثير : منهم من عبد الأوثان ومنهم من دان بدين النصرانية ، إلى أن انتهى الملك إلى غيطشة ، وكانت ولايته سنة سبع وسبعين

الصفحة 23