كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 24 """"""
للهجرة . ثم توفي وخلف ولدين . فلم يرض بهما أهل الأندلس ورضوا برجل يقال له رذريق ، وكان شجاعاً وليس من بيت الملك .
وكانت عادة ملوك الأندلس أنهم يبعثون أولادهم الذكور والإناث إلى مدينة طليطلة يكونون في خدمة الملك لا يخدمه غيرهم ، يتأدبون بذلك . فإذا بلغوا الحلم أنكح بعضهم بعضاً وتولى تجهيزهم . فلما ولي رذريق ، أرسل إليه يليان - وهو صاحب الجزيرة الخضراء وسبتة وغيرهما - ابنته فاستحسنها رذريق فاقتضها . فكتبت إلى أبيها بذلك . فأغضبه فكتب إلى موسى بن نصير عامل إفريقية بالسمع والطاعة . واستدعاه فسار إليه . فأدخله يليان مدائنه . وأخذ عليه العهود له ولأصحابه بما يرضى به . ثم وصف له الأندلس ودعاه إليها ، وذلك في آخر سنة تسعين . فكتب موسى إلى الوليد بذلك ، واستأذنه في غزوها . فأذن له إذا لم يكن الوصول إلهاً في بحر متسع .
فبعث موسى مولى من مواليه ، يقال له طريف ، في أربعمائة رجل ومعهم مائة فارس . فساروا في أربع سفن . فخرجوا في جزيرة بالأندلس فسميت جزيرة طريف . ثم أغار على الجزيرة الخضراء فأصاب غنائم كثيرة ورجع سالماً ، في شهر رمضان سنة إحدى وتسعين . فلما رأى الناس ذلك ، تسرعوا إلى الغزو .
ثم إن موسى دعا مولاه طارق بن زياد ، وكان على مقدمات جيوشه ، فبعثه في سبعة آلاف من المسلمين أكثرهم البربر والموالي وأقلهم العرب . فساروا في البحر . وقصدوا جبلاً منيفاً في البحر ، وهو متصل بالبر . فنزله فسمّى الجبل جبل طارق . ولما ملك عبد المؤمن البلاد أمر ببناء مدينة على هذا الجبل وسماه جبل الفتح ، فلم يثبت له هذا الاسم ، وجرت الألسن على الاسم الأول . وكان حلول طارق به في شهر رجب سنة اثنتين وتسعين .

الصفحة 24