كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 27 """"""
فدخل المدينة ، وكانت حصينة . فحصرهم بها أشهراً . وزحف إليهم بدبابة عملها ونقبوا سورها . فخرج أهلها على المسلمين فقتلوهم عند البرج فسمّى برج الشهداء . ثم افتتحها آخر شهر رمضان سنة أربع وتسعين صلحاً ، على أن جميع أموال القتلى يوم الكمين وأموال الهاربين إلى جليلقية وأموال الكنائس وحليها للمسلمين .
ثم إن أهل إشبيلية اجتمعوا وقصدوها ، فقتلوا من بها من المسلمين . فسير موسى إليها ابنه عبد العزيز بجيش فحصرها وقتل من بها من أهلها .
وسار عنها إلى لبلة وباجة فملكهما وعاد إلى إشبيليلة .
قال : وسار موسى من مدينة ماردة في شوال يريد طليلطة . فخرج طارق إليه فلقيه . فلما أبصره نزل إليه ، فضربه موسى بالسوط . على رأسه ، ووبخه على ما كان من خلافه . ثم سار به إلى مدينة طليطلة وطلب منه ما غنم والمائدة . فأتاه بها وقد انتزع رجلاً من أرجلها . فسأله عنها فقال : لا علم لي بها . كذلك وجدتها . فعمل عوضها من ذهب .
وسار موسى إلى مدينة سرقسطة ومدائنها فافتتحها .
وأوغل في بلاد الفرنج . فانتهى إلى مفازة كبيرة وأرض سهلة ذات آثار فأصاب فيها صنماً قائماً ، فيه مكتوب : يا بني إسماعيل ، إلى ها هنا منتهاكم ، فارجعوا . وإن سألتم إلى ماذا ترجعون ، أخبركم أنكم ترجعون إلى الاختلاف فيما بينكم حتى يضرب بعضكم أعناق بعض ، وقد فعلتم . فرجع ووافاه رسول الوليد في أثناء ذلك يأمره بالخروج عن الأندلس والقفول إليه . فساءه ذلك ومطل الرسول ، وهو يقصد بلاد العدو في غير ناحية الصنم ، يقتل ويسبي ويهدم الكنائس ويكسر النواقيس ، حتى بلغ صخرة بلاي على البحر الأخضر ، وهو في قوة وظهور . فقدم عليه رسول آخر من الوليد يستحثه ، وأخذ بعنان بغلته وأخرجه . وكان موافاة الرسول له بمدينة لك بجليقية . وخرج على الفج المعروف بفج موسى . ووافاه طارق من الثغر الأعلى فأقفله معه ، ومضيا جميعاً .

الصفحة 27