كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 28 """"""
واستخلف موسى على الأندلس ابنه عبد العزيز بن موسى . فلما عبر موسى البحر إلى سبتة عليها وعلى طنجة وما والاهما ابنه عبد الملك . واستخلف على إفريقية وأعمالها ابنه الكبير عبد الله .
وسار إلى الشام . وحمل الأموال التي غنمت من الأندلس والذخائر والمائدة ، ومعه ثلاثون ألف بكر من بنات ملوك القوط وأعيانهم ، ومن نفيس الجوهر والأمتعة ما لا يحصى . فورد الشام ، وقد مات الوليد واستخلف سليمان بن عبد الملك ، وكان منحرفاً عن موسى بن نصير . فعزله عن جميع أعماله وأقصاه وأغرمه غرماً حتى احتاج أن يسأل العرب في معونته .
وقيل : إنه قدم إلى الشام والوليد حيّ . وكان قد كتب إليه ، وادعى أنه هو الذي فتح الأندلس وأخبره خبر المائدة . فلما حضر عنده عرض عليه ما معه وعرض المائدة ، ومعه طارق . فقال طارق : أنا غنمتها . فكذبه موسى . فقال طارق للوليد : سله عن رجلها المعدومة . فسأله عنها ، فلم يكن عنده منها علم . فأظهرها طارق وذكر أنه أخفاها لهذا السبب . فعلم الوليد صدق طارق . وإنما فعل هذا لأن موسى كان قد ضربه وحبسه حتى أرسل الوليد أخرجه وقيل : لم يحبسه . قالوا : ولما دخلت الروم بلاد الأندلس ، كان في مملكتهم بيت إذا ولي ملك منهم أقفل عليه قفلاً . فلما ملكت القوط فعلوا كفعلهم . فلما ملك رذريق فتح الأقفال فرأى في البيت صور العرب ، عليهم العمائم الحمر على خيول شهب ، وفيه كتاب : إذا فتح هذا البيت دخل هؤلاء القوم هذا البلد . ففتحت الأندلس في تلك السنة .
ذكر غزو جزيرة سردانية
قال : ولما فتح موسى بلاد الأندلس سير طائفة من عسكره إلى هذه الجزيرة ، وهي في بحر الروم كثيرة الفواكه . فدخلوها في سنة اثنتين وتسعين . فعمد النصارى إلى ما يملكونه من آنية الذهب والفضة فألقوا الجميع في الماء . وجعلوا أموالهم في سقف البيعة الكبرى التي تحت السقف الأول . وغنم المسلمون منها ما لا يحد ولا يوصف ، وأكثروا الغلول . واتفق أن رجلاً من المسلمين اغتسل في الماء فعلق في رجله شيء . فأخرجه ، فإذا هو صحفة من فضة . فأخرج المسلمون جميع ما فيه . ودخل رجل من المسلمين إلى تلك الكنيسة فنظر إلى حمام . فرماه بسهم فأخطأه

الصفحة 28