كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 32 """"""
البربر سوء سيرته ، وتغيروا عما كانوا بايعوه عليه ، وكان قد بويع بالخلافة فقتلوه وولوا أمرهم خالد بن حميد الزّناتي .
ثم التقى خالد بن أبي حبيب بالبربر ، وكان بينهم قتال شديد . فبينما هم كذلك إذ غشيهم خالد بن حميد الزناتي بعسكر عظيم . فانهزم أصحاب خالد بن أبي حبيب . وكره هو أن ينهزم فألقى بنفسه هو وأصحابه فقتل هو ومن كان معه ، ولم يسلم منهم أحد . وقتل في هذه الوقعة حماة العرب وفرسانها فسميت وقعة الأشراف .
وانتقضت البلاد ومرج الناس واختلفت الأمور على عبيد الله . فاجتمع الناس وعزلوه عن أنفسهم وبلغ ذلك هشام ابن عبد الملك فقال : أقتل أولئك الرجال الذين كانوا يقدمون علينا من العرب ؟ . قيل : نعم فقال : والله ، لأغضبن لهم غضبة عربية ، ولأبعثن إليهم جيشاً أوله عندهم وآخره عندي . ثم لا تركت حصن بربري إلا جعلت إلى جانبه خيمة قيسي أو يمني .
وكتب وكتب إلى عبيد الله بن الحبحاب يستقدمه . فخرج في جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين ومائة . قال : وكان عبيد الله لما قدم إفريقية استعمل على الأندلس عقبة ابن الحجاج وعزل عنبسة . فلما بلغ أهل الأندلس ثورة البربر وثبوا على عقبة فعزلوه . وولوا عليهم عبد الملك بن قطن الفهري . قال : ثم استعمل هشام بن عبد الملك على إفريقية كلثوم بن عياض القشيري ، فقدم في شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين ومائة ، وقد عقد له على اثني عشر ألف فارس من أهل الشام . وكتب إلى والي كل بلد أن يخرج معه ، فسار معه عمال مصر وبرقة وطرابلس . فلما قدم إفريقية نكّب عن القيروان وسار إلى سبتة . واستخلف على القيروان عبد الرحمن بن عقبة الغفاري ، وهو إذ ذاك قاضي إفريقية وكان حبيب بن أبي عبيدة مواقف البربر . فسار كلثوم ومن معه حتى وافى البربر ، وهم على وادي طنجة ، وهم في ثلاثين ألفاً .
وتوجه إليهم خالد بن حميد الزناتي فصاروا في جميع كبير .
فالتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً فقتل كلثوم بن عياض وحبيب ابن أبي عبيدة ، وسليمان بن أبي المهاجر ، ووجوه العرب . وانهزمت العرب ، وكانت هزيمة أهل الشام إلى الأندلس ، وعبروا في المراكب ، وهزيمة أهل مصر وأهل إفريقية إلى إفريقية .
قال : ولما بلغ أهل إفريقية قتل كلثوم ، كأن بها هرج . فثار عكاشة بن أيوب الفزاري مخالفاً على الناس بمدينة قابس ، وكان صفرياً ، وهو الذي قدم على طليعة

الصفحة 32