كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 33 """"""
أهل الشام مع عبيد الله بن الحبحاب فسار إليه بعد الرحمن بن عقبة فقاتله . فانهزم عكاشة ، وقتل كثير من أصحابه ، وتفرق من بقي منهم .
حنظلة بن صفوان الكلبي
ولما بلغ هشام بن عبد الملك ذلك ، بعث إلى إفريقية حنظلة بن صفوان الكلبي ، وكان عامله على مصر ولاه عليها في سنة تسع عشرة ومائة ، فأقام بها إلى أن بعثه إلى إفريقية . فقدمها في شهر ربيع الآخر سنة أربع وعشرين ومائة . فلم يمكث بالقيروان إلا يسيرا حتى زحف عكاشة الصّفري الخارجي في جمع عظيم من البربر ، لم ير أهل إفريقية مثله ولا أكثر منه ، وكان لما انهزم جمع قبائل البربر . وزحف إلى حنظلة أيضاً عبد الواحد بن يزيد الهواري في عدد عظيم وكانا قد افترقا من الزاب : فأخذ عكاشة على طريق مجانة فنزل القرن ، وأخذ عبد الواحد على طريق الجبال فنزل طبيناس ، وعلى مقدمته أبو قرة المغيلي . فرأى حنظلة أن يعجل قتال عكاشة قبل أن يجتمعا عليه ، فزحف إليه بجماعة أهل القيروان . والتقوا بالقرن وكان بينهم قتال شديد فني فيه خلق كثير . وهزم الله عكاشة ومن معه . وقتل من البربر ما لا يحصى كثرة . وانصرف حنظلة إلى القيروان خوفاً أن يخالفه عبد الواحد إليها .
وقيل : إن عبد الواحد لما وصل إلى باجة ، أخرج إليه حنظلة رجلاً من لخم في أربعين ألف فارس . فقاتلوه بباجة شهراً في الخنادق والوعر . ثم انهزم اللخمي إلى القيروان ، وفقد ممن معه عشرين ألفاً .
ونزل عبد الواحد بالأصنام من جراوة ثلاثة أميال عن القيروان ، وكان في ثلاثمائة ألف . فأخرج حنظلة جميع ما في الخزائن من السلاح ، ونادى في الناس . فكان يعطي لكل منهم درعاً وخمسين ديناراً . فلم يزل يفعل ذلك حتى كثر عليه الناس ، فرد العطاء إلى أربعين ثم إلى ثلاثين . ولم يقدم إلا شاباً قويّاً . فعبأ الناس طول ليلته والشمع حوله وبين يديه . فعبأ في تلك الليلة خمسة آلاف دارع وخمسة آلاف نابل . وأصبح وقدّم للقتال . وكسرت العرب جفون سيوفها . والتقوا واقتتلوا . ولزم الرجال الأرض وجثوا على الرّكب فانكسرت ميسرة العرب وميسرة البربر ثم كرت ميسرة العرب على ميمنة البربر . فكانت الهزيمة على البربر . وقتل عبد الواحد

الصفحة 33