كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 35 """"""
عطّاف الأزدي حتى نزل بطبيناس . وثارت البربر من الجبال . وثار ثبات الصنهاجي بباجة فأخذها . وخرج بناحية طرابلس رجلان يقال لأحدهما عبد الجبار والآخر الحارث ، وهما من البربر على دين الخوارج . فقاتل كل من خرج عليه ، طائفة بعد أخرى بنفسه وبجيوشه ، حتى دوّخ المغرب كله ، وأذلّ من به من القبائل . ولم ينهزم له عسكر ولاردّت له راية . وخافه جميع أهل المغرب .
وكتب إلى مروان بن محمد ، وأهدى له هدية ، وتقوّل على حنظلة ، ونسب إليه ما لم يقع منه . فكتب إليه مروان بولاية إفريقية والمغرب كله والأندلس .
ثم قتل مروان وانقرضت الدولة الأموية وقامت الدولة العباسية . فكتب عبد بالرحمن إلى أبي العباس السفاح بطاعته ، وأقام الدعوة العباسية . فلما صار الأمر إلى أبي جعفر المنصور كتب إلى عبد الرحمن يدعوه إلى الطاعة . فأجابه وكتب بطاعته ، وأرسل إليه بهدية نزرة كان فيها بزاة وكلاب . وكتب إليه : إن إفريقية اليوم إسلامية كلها ، وقد انقطع السبي منها . فلا تسألني ما ليس قبلي . فغضب أبو جعفر المنصور وكتب إليه يتوعده . فلما وصل كتابه إليه غضب غضباً شديداً . ثم نادى : الصلاة جامعة . فاجتمع الناس في المسجد الجامع . ثم خرج عبد الرحمن في مطرف خزّ ، وفي رجليه نعلان . فصعد المنبر . فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على محمد نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) . ثم أخذ في سب أبي جعفر . ثم قال : إني ظننت هذا الخائر يدعو إلى الحق ويقوم به ، حتى تبين لي منه خلاف ما بايعته عليه من إقامة الحق والعدل . وأنا الآن قد خلعته كما خلعت نعلي هاتين . وقذفهما وهو على المنبر . ثم دعا بخلعة أبي جعفر التي كان أرسلها إليه ، وفيها سواده - وكان قد لبسها قبل ذلك ودعا فيها لأبي جعفر ، وهو أول سواد لبس بإفريقية - فأمر بتخريقها وحرقها . وأمر كاتبه خالد بن ربيعة أن يكتب كتاباً بخلعه ، ويقرأ على المنابر في سائر بلاد المغرب ، ففعل ذلك .
ذكر مقتل عبد الرحمن بن حبيب وولاية أخيه الياس بن حبيب وقتله وولاية حبيب بن عبد الرحمن وقتله
كان سبب قتل عبد الرحمن أنه لما قتل مروان بن محمد الحمار هرب جماعة من بني أمية ومعهم حريمهم نحو إفريقية ، فتزوج عبد الرحمن وإخوته منهم . وكان ممن قدم عليه ابنان للوليد بن يزيد ابن عبد الملك ، يقال لأحدهما العاص والآخر

الصفحة 35