كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 37 """"""
وانصرف إلى القيروان فبلغه عن حبيب أخبار كرهها . فأغرى إلياس به ، وأرسل إليه من زين له الخروج إلى الأندلس ، ففعل . وجهزه إلياس في سفينة . فتعذّرت عليهم الريح . فكتب إلى إلياس أن الريح قد ردته ، وأن المسير بن زياد الرّعيني يحذره أمره .
فاجتمع إلى حبيب موالي أبيه ، فأسروا سليمان بن زياد وشدوه وثاقاً وكان معسكراً يحارس حبيباً . وأخرجوا حبيباً إلى البر وأظهروا أمره . فتوجه إلى الأربس فأخذها .
وبلغ خبره إلياس فتوجه إليه . واجتمع لكل واحد منهما جماعة . فلما التقيا ، قال حبيب لعمه إلياس : لم نقتل موالينا وصنائعنا بيننا وهم لنا حصن ؟ ولكن أبرز أنت وأنا ، فأينا قتل صاحبه استراح منه : إن قتلتني ألحقتني بأبي ، وإن قتلتك أدركت ثأري منك . فارتاب إلياس ساعة . فنادى الناس : قد أنصفك فلا تجبن ، فإن ذلك سبّة عليك وعلى ولدك من بعدك . فخرج كل منهما إلى صاحبه والتقيا ساعة . فضرب إلياس حبيباً فأعمل السيف في ثيابه ودرعه ووصل إلى جسمه ، فعطف حبيب عليه وضربه بالسيف ضربة سقط بها عن فرسه إلى الأرض . فألقى حبيب نفسه عليه فحز رأسه ثم أمر برفعه على رمح . وهرب عبد الوارث بن حبيب ومن كان معه إلى بطن من البربر يقال لهم ورفجومة ودخل حبيب القيروان وبين يديه رأس إلياس ، ورأس محمد بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع عم أبيه ، ورأس محمد بن المغيرة بن عبد الرحمن القرشي . وجاءه محمد بن عمرو بن مصعب الفزاري وهو زوج عمة أبيه مهنئاً له ، فضرب عنقه . وكان ذلك كله في شهر رجب سنة ثمان وثلاثين ومائة . قال : ولما وصل عبد الوارث بن حبيب ومن معه إلى ورفجومة نزلوا على عاصم بن جميل الورفجومي . فكتب إليه حبيب يأمره أن يوجه بهم إليه ، فلم يفعل ، فنهد إليه حبيب . ولقيه عاصم واقتتلوا فانهزم حبيب . وكان قد استخلف على القيروان أبا كريب جميل بن كريب القاضي . فقوي أمر ورفجومة ، وكاتبهم بعض وجوه القيروان خوفاً منهم على أنفسهم . فزحف عاصم بن جميل وأخوه مكرّم بالبربر وبمن لجأ إليهم وصاروا بناحية قابس . فلما قربوا من القيروان ، خرج إليهم أبو كريب القاضي بأهل القيروان . . حتى إذا دنوا من بعضهم ، خرج من عسكر عاصم جماعة من

الصفحة 37