كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 41 """"""
ذكر ولاية الأغلب بن سالم ابن عقال بن خفاجة التميمي
قال : ولما بلغ المنصور ما كان من المضرية وصرفهم محمد بن الأشعث ، بعث إلى الأغلب عهده بولاية إفريقية ، وكان بطبنة . فقدم إلى القيروان وأخرج عيسى بن موسى في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين . وأخرج جماعة من قواد المضرية واستقامت له الحال .
ثم خرج عليه أبو قرّة في جمع كثير من البربر . فسار إليه الأغلب في جميع قواده ، فهرب منه . وقدم الأغلب الزاب ، وعزم على الرحيل إلى تلمسان ثم إلى طنجة . فاشتد ذلك على الجند ، وجعلوا يتسللون عنه ويخرجون ليلاً إلى القيروان ، حتى بقي في نفر يسير من وجوههم .
وكان الحسن بن حرب الكندي بتونس . فلما خرج الأغلب يريد أبا قرة ، كاتب جماعة من القواد . فلحق به بعضهم الذين فارقوا الأغلب من الزاب . فأقبل إلى القيروان ، ووازره على ذلك بسطام بن الهذيل القائد والفضل بن محمد وغيرهما ، فدخل القيروان من غير ممانعة . وحبس سالم بن سوادة التّميمي ، وهو الذي استخلفه الأغلب على القيروان عند رحيله منها . وبلغ الخبر الأغلب فأقبل في عدة يسيرة ممن صبر على طاعته . وكتب إلى الحسن بن حرب يعرفه فضل الطاعة وعقبى المعصية . فأعاد جوابه وكتب في آخره :
ألا قولا لأغلب غير سر . . . مغلغلة من الحسن بن حرب
بأنّ البغي مرتعه وخيم . . . عليك وقربه لك شرّ قرب
وإن لم تدعني لتنال سلمى . . . وإلا فادن من طعني وضربي
فأقبل الأغلب نحوه يجد السير . فأشار عليه أصحابه الذين معه بالمصير إلى قابس . وأن يلطف بالناس حتى يرجعوا عن الحسن إليه . ففعل ذلك . وقدم رسول المنصور إلى الأغلب ، وإلى الحسن بن حرب يدعوه إلى الطاعة فلم يفعل . فزحف إليه الأغلب واقتتلوا قتالاً شديداً . فانهزم الحسن وقتل من أصحابه خلق كثير . فرجع إلى تونس . وأقبل الأغلب إلى القيروان .

الصفحة 41