كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 42 """"""
وحشد الحسن بن حرب وسار في عدة عظيمة إلى القيروان . فجمع الأغلب أهل بيته وخاصته وأعلمهم أنه يلاقي الحسن وحده إن لم يعمنه أحد . فلما قرب ، خرج إليه الأغلب فشد هو وأصحابه على الميمنة فكشفهم . ثم انصرف وهو يقول :
لم يبق إلا القلب أو أموت . . . إن تحم لي الحرب فقد حميت
وإن تولّيت فلا بقيت
ثم حمل على القلب فلم يثن حدّه حتى قتل بسهم أصابه ، وذلك في شعبان سنة خمسين ومائة . قال : ولما سقط الأغلب صاح الناس : قتل الأمير . وارتفعت الأصوات بذلك . قال : وكان سالم بن سوادة في الميمنة هو وأبو العنبس . فقال سالم لأبي العنبس : لا أنظر إلى الدنيا بعد اليوم . ودفع في عسكر الحسن بن حرب ، فقتل من أصحاب الحسن مقتلة عظيمة . ووجد الحسن بن حرب مقتولاً .
ذكر ولاية عمر بن حفص هزارمرد
وتفسيره بالفارسية ألف رجل ، ويكنى أبا جعفر . وكان شجاعاً بطلاً . وهو من ولد قبيصة بن أبي صفرة أخي المهلّب . استعمله المنصور على إفريقية لما بلغه قتل الأغلب . فقدمها في صفر سنة إحدى وخمسين ومائة في خمسمائة فارس . فاجتمع إليه وجوه الناس ، فوصلهم وأحسن إليهم . فاستقامت له الأمور ثلاث سنين وأشهراً من ولايته .
ثم سار إلى الزاب فنزل طبنة . واستخلف على القيروان حبيب ابن حبيب بن يزيد بن المهلب ، وكان كتاب المنصور قدم عليه بالشخوص إلى الزاب لبناء طبنة . فخلت إفريقية من الجند فثار بها البربر . فخرج إليهم حبيب وقاتلهم فقتل . واجتمع البربر بطرابلس وولوا عليهم أبا حاتم يعقوب بن حبيب مولى كندة ، وهو الذي يسمى أبا قادم . وكان عامل عمر على طرابلس الجنيد بن سيار الأزدي ، فبعث إليهم الجنيد خيلاً عليهم مخازم بن سليمان . فالتقوا واقتتلوا ، فانهزم خازم وأصحابه ولحقوا بالجنيد بطرابلس .
فكتب الجنيد إلى عمر يستمده . فبعث إليه خالد بن يزيد المهلبي في أربعمائة فارس . فاجتمع هو والجنيد والتقيا مع البربر . فانهزم خالد والجنيد إلى قابس .
فبعث عمر بن حفص سليمان بن عباد المهلبي في جماعة من الجند . فلقي أبا قادم بقابس ، فقاتله . فانهزم سليمان إلى القيروان . فسار إليها وحصرها ، وعمر مقيم بطبنة ، وقد صارت إفريقية وأعمالها ناراً تتقد .

الصفحة 42