كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 46 """"""
ذكر ولاية يزيد بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب بن أبي صفرة
قال : ولما اتصل بأبي جعفر المنصور حال عمر بن حفص وحصره ثم بلغه أنه قتل ، غمّه ذلك وساءه . فوجه يزيد بن حاتم في ثلاثين ألفاً من أهل خراسان ، وستين ألفاً من أهل البصرة والكوفة والشام . فأقبل حتى صار إلى سرت . فاجتمع بجميل ابن صخر وبمن معه من الجند القادمين عليه من القيروان ، وسار نحو طرابلس . فسار أبو حاتم إلى جبال نفوسة . وجعل يزيد على مقدمته سالم بن سوادة التّميمي . فالتقى سالم هو وأبو حاتم ، واقتتلوا قتالاً شديداً . فانهزم سالم وأصحابه ، ورجعوا إلى عسكر يزيد .
وهال أبو حاتم أمر يزيد فطلب أوعر المنازل وأمنعها ، فعسكر فيها ، وخندق على عسكره . فأتاه يزيد من ناحية الخندق ، والتقوا واقتتلوا . فقتل أبو حاتم وأهل البصائر من أصحابه ، وانهزم الباقون . وطلبهم يزيد فقتلهم قتلاً ذريعاً . وبعث خيله في طلبهم بكل ناحية . فكان عدة من قتل منهم ثلاثين ألفاً . ويقال : إنه لم يقتل من الجند إلا ثلاثة . وذلك في يوم الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسين ومائة . وأقام يزيد بمكانه ذلك نحواً من شهر . وبث خيله في طلب الخوارج فقتلهم في كل سهل وجبل .
ثم رحل حتى نزل قابس فدخلها لعشر بقين من جمادى الآخرة . واستقامت له الأمور بعد أن قتل البربر بكل ناحية . وبنى يزيد المسجد الأعظم بالقيروان ، وجدده في سنة سبع وخمسين . ورتب أسواق القيروان ، وجعل كل صناعة في مكانها ، حتى لو قيل : إنه الذي مصّرها ، لم يبعد من الحق .
ولم تزل البلاد مستقيمة والأمور ساكنة مدة حياته إلى أن توفي في شهر رمضان