كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 51 """"""
أمير المؤمنين فاجتمع يقطين مع محمد بن يزيد الفارسي - وهو صاحب ابن الجارود - ووعده التقدم وقيادة ألف فارس وصلة وقطيعة في أي المواضع شاء ، على أن يفسد حال عبد الله بن الجارود . ففعل ذلك وسعى في إفساد الخواطر على ابن الجارود ، ورغب الناس في الطاعة . فمالوا إليه وانضموا له . وخرج على ابن الجارود أن اخرج إلي حتى لا يسمع كلامي وكلامك غيرنا . فخرج إليه فحدثه وشاغله بالكلام ، وكان قد وضع على قتله رجلاً من أصحابه يقال له أبو طالب فخرج إليه - وهو مشغول بحديث عبد الله - فما شعر حتى حمل عليه وضربه فدق صلبه ، فانهزم أصحابه .
وقدم يحيى بن موسى خليفة هرثمة إلى طرابلس . فصلى عيد الأضحى بالناس وخطبهم . وقدم عليه جماعة من القواد واستفحل أمره .
وأقبل العلاء بن سعيد يريد القيروان . فعلم ابن الجارود أنه لا طاقة له بالعلاء . فكتب إلى يحيى أن اقدم إلى القيروان فإني مسلم إليك سلطانها . وأجاب إلى الطاعة . فخرج يحيى بن موسى بمن معه من طرابلس في المحرم سنة تسع وسبعين ومائة . فلما بلغ قابس تلقاه بها عامة الجند الذي بالقيروان . وخرج ابن الجارود من القيروان في مستهل صفر ، واستخلف عليها عبد الملك بن عباس . وكانت أيام ابن الجارود سبعة أشهر . وأقبل العلاء بن سعيد ويحيى بن موسى متسابقين إلى القيروان ، فسبقه العلاء إليها . فقتل منها جماعة من أصحاب ابن الجارود . فبعث إليه يحيى : إن كنت على الطاعة ففرّق جموعك . فأمر من معه بالانصراف إلى مواضعهم . وسار في نحو ثلاثمائة من خاصته إلى طرابلس . وكان ابن الجارود قد وصل إليها قبل وصوله وخرج مع يقطين بن موسى نحو المشرق حتى وصل إلى هارون الرشيد .
قال : وكتب العلاء إلى منصور وهرثمة أنه الذي أخرج ابن الجارود من إفريقية . فكتب إليه هرثمة بالقدوم ، وأجازه بجائزة سنية . وبلغ خبره هارون ، فكتب إليه بمائة ألف درهم صلة سوى الكسا ، فلم يلبث إلا يسيراً حتى توفي بمصر .
ذكر ولاية هرثمة بن أعين
قال : وقدم هرثمة القيروان في مستهل شهر ربيع الآخر سنة تسع وسبعين ومائة فأمن الناس وسكنهم وأحسن إليهم . وهو الذي بني القصر الكبير بالمنستير في سنة