كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 52 """"""
ثمانين ومائة . وبني أيضاً سور مدينة طرابلس مما يلي البحر . وواتر الكتب إلى الرشيد أن يعفيه من إفريقية لما رأى الاختلاف بها وسوء طاعة أهلها . فكتب إليه بالقدوم إلى المشرق . فرجع في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة .
ذكر ولاية محمد بن مقاتل بن حكيم العكي
قال : ولما كتب هرثمة إلى هارون يسأله الإعفاء وجه محمد بن مقاتل أميراً للمغرب ، وكان رضيع هارون . فقدم القيروان في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة . ولم يكن بالمحمود السيرة ، فاضطربت عليه أحواله واختلف جنده ، وكان سبب الاضطراب عليه أنه اقتطع من أرزاق الجند وأساء السيرة فيهم وفي الرعية . فقام فلاح القائد ، ومشى في أهل الشام وخراسان حتى اجتمع رأيهم على تقديم مرة بن مخلد الأزدي .
وخرج عليه بتونس تمام بن تميم التّميمي - وكان عامله عليها - فبايعه جماعة من القواد وأهل الشام وأهل خراسان . فخرج في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائة إلى القيروان . وخرج إليه ابن العكي فيمن معه ، فقاتله قتالاً شديداً في منية الخيل ، فانهزم ابن العكي ودخل القيروان ، وتحصن في دار كان قد بناها ، وجلا عن دار الإمارة . وأقبل تمام ودخل القيروان في يوم الأربعاء لخمس بقين من شهر رمضان . فأمّنه تمام على دمه وماله ، على أنه يخرج عنه .
فخرج تلك الليلة وسار حتى وصل إلى طرابلس ثم مضى إلى سرت . وعاد إلى طرابلس بمكاتبة بعض أهل خراسان .
فنهض إبراهيم بن الأغلب من الزاب على تمام غضبا للعكي . فلما بلغ تماماً إقباله جلا عن القيروان ، ودخلها إبراهيم بن الأغلب ، فخطب الناس وأعلمهم أن أميرهم محمد بن مقاتل . وكتب إليه بالرجوع ، فرجع .
ثم أخذ تمام في مراسلة الناس وإفسادهم على العكي فمالوا إليه . فكثر جمعه وطاب نفساً بقتال العكي . وكتب إليه : أما بعد . فإن إبراهيم بن الأغلب لم يبعث إليك فيردك من كرامتك عليه ولا للطاعة التي يظهرها ، ولكنه كره أن يبلغك أنه أخذ البلاد فترجع إليه . فإن منعك كان مخالفاً ، وإن دفعها إليك كان كارهاً . فبعث إليك

الصفحة 52