كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 53 """"""
لترجع ثم يسلمك إلى القتل . وغدا تعرف ما جربت من وقعتنا أمس . وفي آخره :
وما كان إبراهيم من فضل طاعة . . . يرد عليك الثّغر إلا لتقتلا
فلو كنت ذا عقل وعلم بكيده . . . لما كنت منه يا بن عك لتقبلا
فلما وصل كتابه ، قرأه العكي ودفعه إلى إبراهيم بن الأغلب . فقرأه وضحك وقال : قاتله الله ضعف عقله زيّن له ما كتب به فكتب إليه ابن العكي : من محمد بن مقاتل إلى الناكث تمام .
أما بعد ، فقد بلغني كتابك ، ودلني ما فيه على قلة رأيك . وفهمت قولك في إبراهيم . فإن كنت كتبت نصيحة ، فليس من خان الله ورسوله وكان من المفسدين بمقبول منه ما يتنصّح به . وإن كانت خديعة فأقبح الخدائع ما فطن له . وأما ما ذكرت من إسلام إبراهيم إذا التقينا ، فلعمر أبيك ما يلقاك أحد غيره . وأما قولك : إنا جربنا من وقعتك أمس ما سنعرفه غداً ، فإن الحرب سجال : فلنا يا تمام عليك العقبى إن شاء الله وفي أسفله :
وإني لأرجو إن لقيت ابن أغلب . . . غداة المنايا أن تفل وتقتلا
تلاقى فتى يستصحب الموت في الوغى . . . ويحمى بصدر الرمح مجداً مؤئلا
فأقبل تمام من تونس في جمع عظيم . وأمر ابن العكي من كان معه من أهل الطاعة بالخروج إليه وتقدمة إبراهيم بن الأغلب . والتقوا واقتتلوا فانهزم تمام إلى تونس ، وقتل جماعة من أصحابه .
وانصرف العكي إلى القيروان ثم أمر إبراهيم بالمسير إلى تمام بتونس ، وذلك في شهر المحرم سنة أربع وثمانين ومائة . فلما بلغ تماماً إقباله كتب إليه يسأله الأمان ، فأمنه . وأقبل به إلى القيروان يوم الجمعة لثمان خلون من الشهر . فلما صار الأمر إلى إبراهيم بن الأغلب بعث تمام بن تميم وغيره من وجوه الجند الذين شأنهم الوثوب على الأمراء إلى بغداد ، فحبسوا في المطبق .