كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 55 """"""
جعفر بن يحيى . ثم عسكر إبراهيم يريد الخروج إلى الزاب وأتى كتاب محمد بن مقاتل إلى سهل ابن حاجب يستخلفه إلى أن يقدم . فكتب صاحب البريد إلى الرشيد . فغضب وكتب إلى ابن العكي : أما بعد ، فلم يكن آخر أمرك يشبه إلا أوله . فلأيّ مناقبك أوثرك على إبراهيم بولاية الثغر : ألفرارك وإقدامه أم لجزعك وصبره أم لخلافك وطاعته ؟ فإذا نظرت في كتابي ، فاقدم غير محمود الفعال . وكتب إلى إبراهيم بتجديد ولايته . فوصل الرسول إلى القيروان وإبراهيم بالزاب فمضى إليه . وكانت ولايته الثانية التي استقر بها ملكه وملك بنيه من بعده ، لاثنتي عشرة ليلة مضت من جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين ومائة . وقف ابن العكي إلى المشرق .
قال : ولما ولي إبراهيم قمع أهل الشر بإفريقية ، وضبط البلاد ، وأحسن إلى من بها . وبعث بأهل الشر الذين جرت عادتهم بمخالفة الأمراء والوثوب عليهم إلى بغداد كما ذكرنا .
وابتنى إبراهيم قصراً وجعله متنزهاً . ثم جعل ينقل غليه السلاح والأموال سراً . وهو مع ذلك يراعي أمور أجناده ويصلح طاعتهم ويصبر على جفائهم . وأخذ في شراء العبيد وأظهر أنه يحب أن يتخذ من كل صناعة من يغنيه عن استعمال الرعية في كل شيء . ثم اشترى عبيداً لحمل سلاحه وأظهر للجند أنه أراد بذلك إكرامهم عن حمله . لوما تهيأ له من ذلك ما أراده انتقل من دار الإمارة وصار إلى قصره بعبيده وحشمه وأهل بيته ؛ وكان انتقاله ليلاً . وأسكن معه من يثق به من الجند . وكان يتولى الصلاة بنفسه في المسجد الجامع بالقيروان والمسجد الذي بناه بالقصر .
وفي أيامه خرج حمديس بن عبد الرحمن الكندي فخلع السواد . وجمع جموعاً كثيرة وأتى بعرب أهل البلد وبربرها ، وكثرت جموعه بمدينة تونس . فبعث إليه إبراهيم عمران بن مجالد ومعه وجوه القواد . فالتقوا بسبخة تونس واقتتلوا قتالاً شديداً ، وكثر بينهم القتل . وجعل أصحاب حمديس يقولون : بغداد بغداد ، فلا والله لا اتخذت لكم طاعة بعد اليوم أبداً . ثم قتل حمديس وانهزم أصحابه . ودخل عمران تونس ونتبع من كان مع حمديس وقتلهم حتى أفناهم . وكان خروجه في سنة ست وثمانين ومائة . وفي أيامه جمع إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب جموعاً كثيرة ، وأطاعه من حوله من القبائل . فكره إبراهيم قتاله وعلم في