كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 56 """"""
إفساد أصحابه عليه . وكتب إلى بهلول بن عبد الواحد المدغري ، وكان رئيساً مطاعاً في قومه ، وهو القائم بأمر إدريس وصاحب سره ، ولم يزل به حتى فارقه وعاد إلى الطاعة . فلما فعل ذلك كتب إدريس إلى إبراهيم كتاباً يستعطفه ويسأله الكف عنه ويذكر قرابته من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلم يجر بينهما حرب .
وخرج عن طاعة إبراهيم أيضاً عمران بن مجالد . وكان سبب خروجه أن إبراهيم لما بني قصره المعروف القديم ركب يوماً وهو يفكر في الانتقال إليه ومعه عمران بن مجالد . فجعل عمران يحادثه من حيث ركبا إلى أن بلغا مصلى روح ، فلم يفقه إبراهيم من حديثه شيئاً . فقال لعمران : ألم تعلم أني لم أسمع من حديثك شيئاً . فقال لعمران : ألم تعلم أني لم أسمع من حديثك شيئاً . أعده علي . فغضب عمران وقال : أحدثك من حيث خرجت وأنت لاه عني . وتغير ن ذلك اليوم وألب على إبراهيم . فلما انتقل إبراهيم إلى قصره وأقام مدة ، ثار عمران في جيشه . واستولى على القيروان وقوي أمره وكثرت أتباعه . ودامت الحرب بينه وبين إبراهيم سنة كاملة ، كانت خيل إبراهيم تضرب إلى القيروان فتقتل من قدرت عليه ، وخيل عمران تفعل مثل ذلك .
ثم وصل إلى إبراهيم رسول أمير المؤمنين بأرزاق الجند فوجه ابنه عبد الله إلى طرابلس ، فقبض أرزاق الجند ووصل بها إلى أبيه . فلما صرا المال إليه ، تطلعت أنفس الجند إلى أرزاقهم وهموا بإسلام عمران . وتبين ذلك له . فركب إبراهيم في خيله ورجله وعبيده ، وعبأ عساكره تعبئة الحرب ، وتوجه إلى القيروان . حتى إذا قرب منها أمر مناديه فنادى : من كان له اسم في ديوان أمير المؤمنين فليقدم لقبض عطائه . ثم انصرف إلى قصره ولم يحدث شيئاً . فلما أمسى عمران أيقن أن الجند تسلمه . فركب وسار إلى الزاب ليلاً ومعه عمرو بن معاوية وعامر بن المعتمر . فخلع إبراهيم أبواب القيروان وثلم في سورها . وقوي عند ذلك أمره . وزاد في بناء القصر القديم . وأقطع فيه الدور لأهل بيته وأنصاره ومواليه .
وبقي عمران بالزاب إلى أن توفي إبراهيم وصار الأمر إلى ابنه أبي العباس . فمكتب إليه يسأله الأمان فأمنه . وقدم إليه وأسنه القصر . ثم سعى به فقتله .
واستمرت أيام إبراهيم إلى سنة ست وتسعين ومائة ، فتوفى لثمان بقين من شوال منها ، وهو ابن ست وخمسين سنة . وكانت مدة ولايته اثنتي عشرة سنة وأربعة أشهر وعشرة أيام .
وكان فقيهاً ، عالماً ، خطيباً ، شاعراً ، ذا رأي وبأس ، وحزم ، وعلم بالحروب ومكائدها ، جرىء الجنان ، طويل اللسان ، حسن السيرة . قال ابن الرقيق : لم يل