كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 60 """"""
غلبون ، وعبد الله بن الأغلب ، ومحمد بن حمزة الرازي ، وغيرهم ، وقتلت الرّجالة عن آخرهم ، وتتبع الجند أصحاب زيادة الله فقتلوهم .
فعند ذلك زحف زيادة الله بنفسه ونزل بين القيروان والقصر وخندق هناك . وكانت بينهم وقعات كثيرة تارة لهؤلاء وتارة لأولئك . ثم انهزم منصور ومن معه حتى لحقوا بتونس . وكان أهل القيروان أعانوا منصوراً على قتال زيادة الله ، فقال له أصحابه أبدأ بها واقتل من فيها . فقال : إني عاهدت الله تعالى إن ظفرت أن أعفو وأصفح . فعفا عنهم إلا أنه هدم سور القيروان ونزع أبوابها .
قال : ثم اجتمع لمنصور أصحابه وقوي أمره . ولم يبق في يد زيادة الله من إفريقية كلها إلا الساحل وقابس . فكتب الجند إلى زيادة الله : أن ارحل حيث شئت وخلّ عن إفريقية ، ولك الأمان في نفسك ومالك وما ضمه قصرك . فاستشار أصحابه في ذلك . فقال له سفيان بن سوادة : أيها الأمير ، أمكنّي من ديوان رجالك حتى أنتقي مائتي فارس ممن أثق به . فدفع إليه الديوان فاختار منه مائتي فارس ، وأعطاهم وأفضل عليهم ثم خرج حتى أتي نفزاوة وعليها من الجند عبد الصمد بن جناح الباهلي . فدعا سفيا بربر ذلك الموضع فأجابوه . فاجتمع إليه خلق كثير من زناتة وغيرهم وسائر القبائل . ففتح البلاد بلداً بلداً حتى بلغ قسطيلية . ثم قدم على زيادة الله في سنة ثماني عشرة ومائتين . فكان سعيد يقول : والله ، ما رأيت أعظم بركة من تلك المائتي فارس . ووقع الشتات والحسد بن الجند . ووقع الخلاف بين منصور وعامر بن نافع . فحاصره عامر بقصره بطنبذة . فجرت بينهما السفراء على أن يؤمن منصوراً على نفسه وماله وحشمه ، ويركب سفينة فيتوجه فيها إلى المشرق ، فاجابه عامر إلى ذلك . فقال له بعض أصحابه : تفعل ذلك بنفسك ويسومك الضيم ؟ انهض إلى الأربس فإنهم سامعون مطيعون . فوافق على ذلك وخرج من القصر ليلاً وسار إلى الأربس . فلما أصبح عامر لم يره بقصره ، فسار إلى إثره إلى الأربس وحاصره . وآخر الأمر أنه عاد سأل الأمان على أن يتوجه إلى المشرق ويركب في سفينة من تونس . وخرج إلىعامر