كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 63 """"""
ذكر ولاية أبي عقال الأغلب ابن إبراهيم بن الأغلب
قال : ولما توفي زيادة الله ولي أخوه أبو عقال ، وهو الملقب بخزر . وكان في مبدإ ولاية أخيه زيادة الله قد خافه على نفسه لأن الأغلب كان شقيق عبد الله . فخشي أن يطالبه زيادة الله بفعل أخيه فاستأذنه على الحج ، فأذن له . فخرج وأخرج معه ابني أخيه عبد الله ، وهما محمد وإبراهيم . فحج وأقام بمصر . ثم كتب إلى زيادة الله يستعطفه ويستميله . فقدم إليه ، فأكرمه وأحسن إليه . وجعل أمور دولته بيده .
فلما مات زيادة الله وصار الأمر إليه ، لم يكن في أيامه حروب فأمن الجند وأحسن إليهم . وغير أحداثاً كثيرة كانت للعمال ، وأجرى على العمال الأرزاق الواسعة والعطايا الجزيلة . وقبض أيديهم عن أموال الناس ، وكفّهم عن أشياء كانوا يتطاولون إليها . وقطع النبيذ من القيروان .
وتوفي في يوم الخميس لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة ست وعشرين ومائتين . فكانت ولايته سنتين وتسعة أشهر وتسعة أيام . وكان شبيهاً بجده الأغلب في الخلق والخلق .
ذكر ولاية أبي العباس محمد بن الأغلب ابن إبراهيم بن الأغلب
قال : ولي بعد أبيه ، وكان من أجهل الناس ، لكنه أعطي في إمارته ظفراً على من ناوأه . وقلّد أخاه كثيراً من أعماله . وكان قد غلب عليه وتولى أموره ووزارته ابنا على بن حميد ، وهما أبو عبد الله وأبو حميد . فساء ذلك أبا جعفر أخاه ، وعظم عليه وعلى أصحابه ، وحسدوهما على مكانهما من الأمير محمد وكان المقدم عند أبي جعفر أحمد بن الأغلب نصر بن حمزة الجروي . فأخذ أبو جعفر في التدبير على أخيه الأمير محمد . وصانع رجالاً من مواليه ، ومحمد في غفلة عن ذلك قد اشتغل باللهو واللعب وانهمك على الملاذّ . فلما اجتمع لأحمد من أصحابه ما علم أنه يقوم بهم ركب في وقت الظهيرة - وقد خلا باب محمد من الرجال - فهجم على أبي عبد الله بن علي بن حميد فقتله ، وعلا الصياح . فبلغ الخبر محمداً فقصد قبة عمه زيادة الله . ووقع القتال بين رجال الأمير محمد ورجال أخيه أحمد . فجعل أصحاب أحمد يقولون لأصحاب محمد : مالكم تقاتلون ؟ لا طاعة إلا طاعة محمد . إنما قمنا على