كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 66 """"""
أخرجك هذا المعلون من حبسه الساعة بعد سبعة أشهر ، فما هذه النصيحة له ؟ فانصرف إلى أحمد فقال له : أما إنه لا طاقة لك بالقوم ، فاستأمن إلى أخيك من قبل أن تهلك قال : وكيف لي بذلك ؟ فكن أنت رسولي إليه . فسار إليه واستأمن له . فأمنه محمد وأتاه .
فأمر محمد بالخلع على أهل القيروان ومن نصره . فخلع عليهم جميع ما كان في خزائنه ، ورجع إلى ثياب حرمه . وأمر أهل القيروان بالانصراف . ولما صار أحمد إلى أخيه محمد عدّد عليه ما فعل ثم أخرجه إلى مصر ، وسار إلى العراق .
قال : وبني محمد بن الأغلب القصر الذي بسوسة في سنة ثلاثين .
وفي أيامه توفى سحنون بن سعيد في سنة أربعين ومائتين ، ودفن بباب نافع . وكان يتولى المظالم بمدينة القيروان .
قال : واعتل محمد بن الأغلب فأقام بعلته أربعة أشهر . ثم توفى في يوم الاثنين لليلتين خلتا من المحرم سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، وله ست وثلاثون سنة وولايته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وأيام .
ذكر ولاية أحمد بن محمد ابن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب
قال : ولما مات محمد ، ولي بعده ابنه أحمد . وكانت أيامه كلها ساكنة ، لم يحدث فيها إلا ما كان بناحية طرابلس . وذلك أن قبائل البربر تجمعت ، فكان بينهم وبين عاملها عبد الله ابن محمد بن الأغلب حروب كثيرة . فكتب إلى أبي إبراهيم بذلك فأرسل إليهم العساكر ، فكانت بينهم وبين البربر حروب شديدة . ثم انهزم البربر وقتلوا قتلاً ذريعاً . ولأبي إبراهيم آثار عظيمة في المباني بإفريقية . فمن ذلك بنيان بالمأجل الكبير بباب تونس . وهو بمعنى الصهريج عندنا . وزاد في جامع القيروان البهو والمجنّبات والبقية . وبني المأجل الذي بباب أبي الربيع والمأجل الكبير الذي بالقصر القديم ، وبين المسجد الجامع بمدينة تونس . وبني سور مدينة سوسة . وكان آخر ما عمل المأجل الذي بالقصر القديم . فلما فرغ اعتل أبو إبراهيم فكان يسأل : هل دخله الماء إلى أن دخله ، فعرفوه فسر به وأمرهم أن يأتوه بكأس مملوءة منه ، فشربها

الصفحة 66