كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 67 """"""
وقال : الحمد لله ، الذي لم أمت حتني كمل أمره . ثم مات إثر ذلك . ولم يزل أهل القيروان ومن دخلها يترحمون عليه .
وفي أيامه فتحت قصريانة ، وهي من أعظم مدن الروم بصقلية . وكانت وفاة أبي إبراهيم يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة تسع وأربعين ومائتين وله تسع وعشرون سنة . ومدة ولايته سبع سنين وعشرة أشهر وخمسة عشر يوماً .
وكان رحمه الله تعالى محسن السيرة ، جميل الأثر ، كريم الأخلاق والأفعال ، من أجود الملوك وأسمحهم وأرفقهم برعيته ، مع دين وإنصاف للمظلوم ، هذا مع حداثة سنه . وكان يركب ليالي شعبان وشهر رمضان ، وبين يديه الشمع . فيخرج من القصر القديم حتى يدخل من باب أبي الربيع ، ومعه دواب محملة دراهم . فيأمر بإعطاء من لقيه حتى ينتهي إلى المسجد الجامع بالقيروان . ويقصد دور العلماء والصالحين فيأمر بقرع أبوابهم . فإذا خرجوا إليه أمر بإعطائهم من ذلك المال .
ذكر ولاية زيادة الله بن محمد ابن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب
ولي بعد أخيه . ولم تطل أيامه حتى توفى . وكانت وفاته ليلة السبت لعشر بقين من ذي القعدة سنة خمسين ومائتين فكانت ولايته سن واحدة وسبعة أيام . وكان عالماً ، عاقلاً جميلاً ، حسن السيرة ، جميل الأفعال ، ذا رأي ونجدة وجود وشجاعة ، رحمه الله تعالى .
ذكر ولاية أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد ابن الأغلب المكني بأبي الغرانيق
ولي بعد عمه زيادة الله .
وكان مشغوفاً بالصيد ، فلقب أبا الغرانيق ، وذلك أنه بني قصراً في السهلين لصيد الغرانيق ، أنفق فيه ثلاثين ألف دينار .

الصفحة 67