كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 68 """"""
ولقّب في آخر أيامه بالميت ، وذلك أنه اعتل وطالت علته ، فكان يشنّع عليه بالموت في كثير من الأيام .
وكان في أيامه حروب منها اضطراب ثغر الزاب عليه . فأخرج إليه أبا خفاجة محمد بن إسماعيل في عسكر عظيم . ففتح فتوحات عظيمة في طريقه . وخافه جميع البربر ولم يقم أحد له إلى أن وصل تهودة وبسكرة . وأعطاه أهل تلك النواحي أزمة أمورهم .
ثم نهض إلى طبنة ، وأتى حي بن مالك البلوى في خليل بلزمة ، فصار في عسكره .
ثم نهض إلى مدينة أبّة بجميع عساكره فنزلها . فخافه البربر وسمعوا له وأطاعوا بوذلوا له الرهائن والخراج والعشور والصدقات فلم يقبل منهم .
ومضى يريد بني كملان من هوارة ، وكبيرهم في ذلك الوقت مهلب بن صولات فتحرزوا منه ، وأرسلوا إليه يطلبون الأمان ، ويبذلون له كل ما طلب ، فلم يقبل وقاتلهم . فلما نشبت الحرب بينهم ، جرّ الهزيمة عليه حي بن مالك من أهل بلزمة . فقتل أبا خفاجة في جماعة من القواد وكثير من الناس . ووصلت الهزيمة إلى طبنة .
وفي أيامه فتحت مالطة ، وهي جزية في البحر على يد أحمد بن عمر بن عبد الله بن الأغلب .
وتوفى أبو عبد الله محمد في يوم الأربعاء لست خلون من جمادة الأولى سنة إحدى وستين ومائتين ، وهو ابن أربع وعشرين سنة . وكانت مدة ولايته عشر سنين وخمسة أشهر وستة عشر يوماً .
وكانت غاية في الجود ، مسرفا في العطاء ، حسن السيرة في الرعية رفيقا بهم ، غير أن اللهو والطرب والاشتغال بالصيد والشراب غلب عليه ، حتى أنه مرة سكر وهو بمدينة سوسة وقد ركب يفي البحر حتى صار إلى جزيرة قوصرة ، فلما