كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 69 """"""
ذهب عنه السكر انصرف وهو خائف ، وما زال على الانهماك طول عمره ، ولم تكن له همة في جمع المال ، فلما مات لم يجد إخوته في بيت المال شيئا .
ذكر ولاية أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب
ال ابن الرقيق كان أبو الغرانيق قد عقد لابنه أبي العقال ولاية العهد ، وبايع له ، واستخلف إبراهيم بن أحمد أخاه خمسين يمينال بجامع مدينة القيروان أن لا ينازعه يفي ملكه ، وذلك بحضضرة مشيخة بني الأغلب وقضاة القيروان وفقائها ، فلما مات أبو الغرانيق ، أتى أهل القيروان إلى إبراهيم وهو إذا ذاك وال عليهم فقثالوا له : قم فادخل القصر فإنك الأمير وكان إبراهيم قد أحسن السيرة فيهم . فقال : قد علمتم أن أخي عقد البيعة لابنه ، واستحلفني خمسين يمينا أن لا أنازع ولده ولا أدخل فصره فقالوا : نحن الدافعون له عن الأمر ، والكارهون ولايته ، والمانعون له . وليست له في أ ‘ ناقنا بيعة . فركب من القيروان ومعه أكثر أهلها . فحاربوا أهل القصر حتى دخله إبراهيم . وبايعه شيوخ القيروان ووجوهها وجماعة من بني تغلب .
لما ولي أنر بإنفاذ الكتب إلى العمال والجباة بحسن السيرة والرفق بالرعية . وولي حجابته محمد بن قرهب .
وفي صفر سنة ثلاث وستين ومائتين ابتدأ إبراهيم في بناء رقادة وانتقل إليها في السنة . قال : ودورها أربعة عشر ألف ذراع . وليس بإفريقية أرق هواء ولا أعدل نسيما ولا أطيب تربة من موضعها . قال ابن الرقيق : وقد سمعت من منتقري المعاني من يزعم أنه يعرض له فيها الضحك من غير عجب ، والسرور من غير سبب .
وفي أيامه فتحت سرقوسة من صقلية في شهر رمضان سنة أربع وستين ومائتين ، على يد أحمد بن الأغلب ، وقتل فيها أكثر من أربعة الآف علج . وأصاب من الغنائم ما لم يوجد في مدينة من مدائن الشرك . ولم ينج من رجالها أحد . وكان مقام المسلمين عليها إلى أن فتحت تسعة أشهر . وأقاموا بعد فتحها شهرين ثم هدموها وانصرفوا .

الصفحة 69