كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 70 """"""
وفي سنة أربع وستين ، وثب الموالي على إبراهيم وعقدوا الخلاف في القصر القديم ، ومنعوا من يجوز إلى رقادة من القيروان ، وسبب ذلك أن إبراهيم أمر بقتل رجل منهم يقال له مجطروح بن بادر فخالفوا عليه بذلك . فأقبل إليهم أهل القيروان في عدد لايحصى . فارتدع الموالي وسألوا الأمان فأمنوا فلما جاؤوا وقت إعطاء الأرزاق ، جلس إبراهيم بقصر أبي الفتح ، وحضر جميع العبيد لقبض أرزاقهم . فكلما تقدم رجل نزع سيفه حتى أخذوا كلهم فقتل أكثرهم بضرب السياط وصلبوا . وحبس بعضهم بسجن القيروان حتى ماتوا فيه . ونفي بعضهم إلى صقلية . وأمر بشراء العبيد فاشترى منهم عدد كثير . وحملهم وكساهم وأخرجهم في الحروب ، فظهر منهم شجاعة وجلد وقوة .
ووفي سنة خمس وستين ومائتين ، تجهز العباس بن أحمد بن طولون من مصر عند خروجه على أبيه يريد برقة . واجتمع إليه الناس على ما نذكره إن شاء الله تعالى في اخبار الدولة الطولونية . فأخرج إليع إبراهيم حاجبه محمد بن قرهب فلقيه بوادي ورداسة . فاقتتلوا فانهزم ابن قرهب . وقد ابن طولون إلى لبدة فأخذها ، ثم نهض منها يريد طرابلس فحصرها أياما . فعزم إبراهيم على الخروج بنفسه ، فلما صار إلى قابس لقيه ابن قرهب بالفتح وهزيمة العباس . وأخذ من أمواله كثيرا .
وفي أيامه في سنة ثمان وستين ومائتين اشتد القحط وغلت الأسعار حتى بلغ قفيز القمح ثمانية دنانير . والقفيز مقدار إردب وربع بالمصري . فهلك الناس حتى أكل بعضهم بعضا .
وفي أيامه عصت وزداجة ومنعوا صدقاتهم . فقاتلهم العامل عليهم وهو الحسن بن سفيان فهزموه حتى وصل إلى باجة . فأرسل إبراهيم حاجيه محمد بن قرهب بالجيوش إليهم . فسار ونزل بجبل من جبال وزداجة يقال لها المنار . فكانت خيله تخرج إليهم صباحا ومساء . فلم يزل حتى أخذ رهائنهم وأطاعوا واستقاموا .