كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 71 """"""
وكانت هوارة قد عاثت في البلاد وقطعت السبل فمضى الحاجب إليهم وعرض عليهم الأمان والرجوع إلى الطاعة . فأبوا فقاتلهم وهزمهم . ونهب العسكر ما في منازلهم وأحرقها بالنار . وعاد الحاجب ثم استامت هوارة بعد ذلك . ثم تجمعت لواتة بأجمعها وحاصروا مدينة قرنة أياماً وانتهبوا ما كان فيها . ومضوا إلى باجة وقصر الإفريقي . فأخرج إليهم إبراهيم محمد بن قرهب . فالتقوا واقتتلوا فانهزم أصحاب ابن قرهب وكبابه فرسه فأدركوه ، وهرب من كان معه . وذلك في ذي الحجة سنة ثمان وستين ومائتين . فاشتد ذلك على إبراهيم ، وأمر بحشد الجند والأنصار والموالي . وأخرجهم مع ابنه أبي العباس عبد الله في سنة تسع وستين . فانتهى الخبر إلى لواتة فهربوا بين يديه فلحقهم بباجة وقتلهم قتلاً ذريعاً . وافترق من سلم منهم في كل ناحية .
وفي سنة ثمان وسبعين ومائتين بلغ إبراهيم أن جماعة من الخدام والصالبة يريدون قتله وقتل أمه ، فقتلهم عن آخرهم . وقتل بناته بعد ذلك .
وفي هذه السنة قتل رجال بلزمة بمدينة رقادة . وكان قبل ذلك قد زحف إليهم وبادرهم بنفسه فلم يتمكن منهم . فأظهر العفو عنهم ورجع . ثم وفد عليه وفدهم ووفد أهل الزاب . فأنزلهم في رقاد في دار عظيمة كالفندق ، وأجرى عليهم نزلاً واسعاً ، وخلع عليهم وأكرمهم ، حتى اجتمع نحو ألف رجل . فأحاط بهم فامتنعوا وقاتلوا ، فقتلهم عن آخرهم . وكان قتلهم سبب انقطاع دولة بني الأغلب ، لأن أهل بلزمة كانوا قد أذلوا كتامة واتخذوهم خولاً وعبيداً ، وفرضوا عليهم العشور والصدقات وأن يحملوا ذلك على أعناقهم . فكان الذي صنع إبراهيم بأهل بلزمة مما أنقذ كتامة من تلك الذة وأوجدهم السبيل إلى القيام مع الشيعي .
وفي هذه السنة أمر إبراهيم بشراء العبيد السودان ، فبلغت عدتهم مائة ألف . فكساهم وألزمهم بابه . وجعل عليهم ميموناً وراشداً . وقتل حاجبه ابن الصمصامة وإخوته وقرابته .
وولي حجابته الحسن بن ناقد ، وأضاف إليه عدة ولايات ، منها إمارة صقلية .

الصفحة 71