كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 72 """"""
وفي سنة ثمان وسبعين أيضاً اضطربت إفريقية على إبراهيم . فخالفه أهل تونس والجزيرة وصطفورة وباجة وقمودة والأربس ، وذلك في شهر رجب ولم يجتمع أهل هذه الكور بمكان واحد بل أقام كل رئيس بمكانه . ولم يبق بيد إبراهيم من إفريقية وكورها إلا الساحل الشرقي . فأمر إبراهيم بحفر الخندق على رقادة وجمع ثقاته على نفسه . وقرب السودان من قصره . وأحضر شيخاً من بني عامر ابن نافع فشاوره في أمره . فقال له : إن عاجلوك قبل أن تختلف كلمتهم خفت أن ينالوا منك . وإن صبروا أمكنك منهم ما تريد . فلما خرج من عنده ، قال إبراهيم لابنه أبي العباس : احبسه عندك لئلا يتكلم بهذا الرأي فيصل إليهم . فحبسه حتى ظفر بهم . وكان سبب ظفره أنه بعث عسكره إلى الجزيرة فقتل منهم خلقاً كثيراً . وأخذ رئيسها المعروف بابن أبي أحمد أسيراً . وجيء به إلى إبراهيم فقتله وصلبه . ووجه صالحاً الخادم إلى قمودة فهزمهم . وبعث إلى تونس عسكراً عظيماً عليهم ميمون الخادم والحسن بن ناقد حاجبه . فانهزم أهل تونس وقتلوا قتلاً ذريعاً بعد قتال شديد . ودخل العسكر إلى مدينة تونس فانتهبوا الأموال واستباحوا الحرم وسبوهم . وبعثوا إلى إبراهيم بألف ومائتي أسير ، وهم أكابر القوم ورؤساؤهم . وذلك في شهر رمضان من السنة . ووصل الخبر إلى إبراهيم في وقته على جناح طائر . فبعث إلى قائده ألا يقطع رأس قتيل . ووجه العجل فحملت القتلى وشق بها سماط القيروان .
ذكر انتقال إبراهيم إلى تونس
وفي سنة إحدى وثمانين ومائتين ، أمر إبراهيم أن تبنى له بتونس قصوره ومساكنه ، فبنيت . ثم انتقل إليها يوم الأربعاء لستّ بقين من جمادى الأولى . وانتقل أهل بيته وجميع قواده ومواليه .
وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين ، تحرك إبراهيم يريد محاربة ابن طولون بمصر . وحشد وخرج من تونس لعشر خلون من المحرم . فأقام برقادة إلى سبع بقين من صفر . ثم خرج بعساكره ، فاعترضه أهل نفوسة بجمع عظيم في النصف من شهر ربيع الأول . فكان بينهم قتال عظيم ، فقتل ميمون الخادم وجماعة ممن معه . ثم انهزم أهل نفوسة ، وتبعهم إبراهيم فقتلهم قتلاً ذريعاً . وتطارح منهم خلق كثير في البحر

الصفحة 72