كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 75 """"""
وبعث ابنه أبا حجر إلى رمطة . فطلب القوم الأمان . وأجابوا إلى الجزية .
وبعث سعدون الجلوى بطائفة إلى لياج فدعوا القوم جميعاً .
فأجابوا إلى أداء الجزية . فلم يجبهم ولم يرضه إلا نزلوهم عن الحصون ، فنزلوا . وهدم جميع القلاع ورمى حجارتها إلى بالبحر .
ثم تمادى بالعساكر إلى مسّيني فأقام بها يومين .
وأمر الناس بالتعدية إلى قّورية لأربع بقين من شهر رمضان وتمادي في رحيله إلى أن قرب من مدينة كسنتة . فجاءته الرسل يطلبون الأمان فلم يجبهم . وسار إلى أن وصل كسنتة وقدم العساكر وبقي في الساقة لضعف أصابه . فنزلت العساكر بالوادي . وأمر الناس بالزحف لخمس بقين من شوال . وفرق أولاده وخاصته على أبوابها ، فقاتلوا من كل ناحية ، ونصبوا المجانيق . واشتدت علة إبراهيم ، وكانت علته البطن . وعرض له الفواق فأيس أصحابه منه . فقلدوا الأمر إلى زيادة الله بن ابنه أبي العباس سراً . وكانت وفاة الأمير إبراهيم في ليلة السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة تسع وثمانين ومائتين . فركب القواد إلى أبي مضر زيادة الله ، وهو أكبر أولاد أبي العباس بن إبراهيم ، فقالوا له : تول هذا الأمر حتى تصل إلى أبيك . فقال لعمه أبي الأغلب : أنت أحق بحق أخيك . فلم يتقدم على زيادة الله ، وكان يحب السلامة .
ثم طلب أهل كسنتة الأمان ، وهم لا يعلمون بوفاة الأمير ، فأمّنوا . وأقام المسلمون حتى قدم عليهم من كان توجه إلى الجهات . فلما قدموا ارتحلوا بأجمعهم وعادوا إلى مدينة بلرم . ونقلوا إبراهيم معهم فدفنوه بها . وبُنى على قبره قصر . وعادوا إلى إفريقية بأجمعهم .
وكان مولد إبراهيم يوم الأضحى سنة خمس وثلاثين ومائتين . فكان عمره ثلاثاً وخمسين سنة وأحد عشر شهراً وأياماً . ومدة ولايته إلى حين وفاته ثماني وعشرين سنة وستة أشهر واثني عشر يوماً .

الصفحة 75