كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 79 """"""
ولم تطل أيام أبي العباس حتى وثب به ثلاثة من خدمه كان زيادة الله قد وضعهم عليه ، فقتلوه وهو نائم . وأتوا بحداد إلى زيادة الله ليقطعوا قيده ويسلموا عليه بالإمارة . فخاف أن يكونوا دسيساً عليه من أبيه ، فأبى ذلك . فمضوا إلى أبيه فقطعوا رأسه وأتوا به في الليل . فلما رأى ذلك أمر بقطع قيوده وخرج . وكان مقتل أبي العباس في ليلة الأربعاء آخر شعبان سنة تسعين ومائتين . فكانت إمارته من حين خروج أبيه وإلى أن قتل سنة واحدة واثنين وخمسين يوماً ، ومنذ استقل بالأمر بعد أبيه تسعة أشهر وثلاثة عشر يوماً .
وكان رحمه الله شجاعاً بطلاً عالماً بالحرب ، حسن النظر في الجدل . وأستاذه في ذلك عبد الله بن الأشج .
ذكر ولاية أبي مضر زيادة الله بن أبي العباس
عبد الله بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب قال : ولا أفضى إليه الأمر بعد مقتل أبيه ، كان أول ما بدأ به أنه أمر بقتل الخصيان الذين قتلوا أباه وصلبهم ، وأظهر الكراهة لفعلهم .
وأرسل من إخوته وبني عمه تسعة وعشرين رجلاً إلى جزيرة في البحر يقال لها جزيرة الكراث فقتلوا في شهر رمضان من هذه السنة .
وبعث زيادة الله خمسين فارساً مع فتوح الرومي إلى أخيه الأحول بكتاب على لسان أبيه أبي العباس يأمره فيه بالقدوم عليه ولا يتخلف - وكان أبو العباس قد أخرجه لقتال أبي عبد الله الشيعي - فرجع . فلما وصل أمر زيادة الله بقتله فقتل . فكان ذلك أعظم فتح عند الشيعي . قال : وأمر زيادة الله بالعطاء .
وولي الوزارة والبريد عبد الله بن الصائغ . وولي الخراج أبا مسلم . وعزل القاضي الصديني لرأيه بخلق القرآن . وكتب كتاباً إلى القيروان : " إني قد عزلت عنكم الجافي الجلف ، المتبدع المعسف ، ووليت القضاء حماس بن مروان لرأفته ورحمته وطهارته وعلمه بالكتاب والسنة " .