كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 82 """"""
قصدت المجاهدة عن حريمكم ودمائكم وأموالكم ، فأعينوني على ذلك بالسمع والطاعة ، وأمدوني بأموالكم ورجالكم ، وادفعوا عن حريمكم ومهجكم . فقالوا : أما السمع والطاعة فهما لك ولكل من ولينا . وأما إعانتك بأموالنا فهي لا تبلغ ما تريده . والقتال فمالنا به قوة ولا معرفة . وأنت فقد ناصبت هؤلاء ومعك صناديد الحرب ووجوه الرجال ووراءك بيت الأموال ، فلم تظفر بهم . وتروم الآن ذلك منا نحن وبأموالنا . فراجعهم في ذلك وراجعوه ، حتى قال لهم : فانظروا ما كان في أيديكم من أموال الأحباس والودائع فأعطوني ذلك سلفاً ، فأنادي بالعطاء فيجتمع إلى الناس . قالوا : وما يغني عنك ذلك ، ولو مددت يدك إليها لأنكر الناس عليك .
فلما يئس منهم صرفهم والناس مجتمعون حول دار الإمارة لا يعلمون ما كان الكلام . فلما خرجوا أخبروهم بما كانوا فيه . فصاحوا به : اخرج عنا ، فما لنا بك من حاجة ، ولا نسمع ولا نطيع لك . وجلب الغوغاء وصاحوا به وشتموه . فلما سمع ذلك ، وثب من كان معه في سلاحهم واقتحموا الباب . فهرب من كان على الباب . ومضوا يركضون دوابهم . والناس يركضون وراءهم ويرجمونهم بالحجارة . وانضم إلى ابن الأغلب من كان قد بقي بعد زيادة الله من رجاله ممن خاف على نفسه ، ولحقوا زيادة الله .
ثم دخل الشيعي رقادة وانقرضت دولة بني الأغلب .
ذكر ما كان من أخبار زيادة الله وقتله عبد الله ابن الصائغ ومسيره إلى بلاد الشرق ووفاته
قال : ولما خرج زيادة الله من رقادة ، ولحق به إبراهيم بن أبي الأغلب فيمن انضم إليه ، فاجتمع معه خلق كثير . فسار بهم إلى طرابلس فدخلها ونزل دار الإمارة . وافتقد ابن الصائغ فلم يره ، فتحقق ما كان يرمى به من مكاتبة الشيعي . وأكثر أصحابه القول فيه . وكان قد ركب في مركب له يريد صقلية ، فصرفته الريح إلى طرابلس . فدخل على زيادة الله فعاتبه على تخلّفه . فاعتذر أنه كانت معه أثقال لم يطق حملها في البر . فلما علم أصحاب زيادة الله أنه قرب ابن الصائغ ساءهم ذلك وغمهم . فأتوه وقالوا : إنه كذبك وإنما كان يريد صقلية . واجتمعوا كلهم وقالوا : " هذا الذي أخرجك من ملكك ، وعمل في ذهاب دولتك ، وكاتب الشيعي عليك " . فنقم عليه