كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 83 """"""
وأمر بتسليمه إلى راشد - وهو أحد المتعصبين عليه - فضربي عنقه بيده . وتلاعب الصبيان برأسه حتى وقع في قناة حمام . وحكي عن الشيعي أنه قال : " والله ما كاتبني قط " . قال : وأقام زيادة الله بطرابلس سبعة عشر يوماً وخرج منها يريد مصر . وكان قد نقم على إبراهيم بن أبي الأغلب لما أراده من العقد لنفسه بمدينة القيروان ، فاطرحه وأعرض عنه وعن أبي المصعب بن زرارة . وسعي بهما عنده أنهما يقعان فيه وينالان منه ، وقيل له : هذا قولهما فيك وهما معك وفي قبضتك ، فكيف إذا وصلا إلى مصر ؟ فعزم على قتلهما . فهربا إلى الإسكندرية واستجارا بعاملها . فأجارهما ووجه بهما إلى مصر . فدخلا قبل زيادة الله ، واجتمعا بعيسى النوشري عاملها ، ووقعا عنده في زيادة الله ، وذكروا سوء فعله وأنه يطمع نفسه بمصر . فهم النوشري أن يصد زيادة الله عن مصر إلى أن يكتب إلى بغداد . فأتي زيادة الله الخبر من عيون كانت له بمصر ، فأرسل ابن القديم بكتاب إلى النوشري ، يبجّله فيه ويسأله أن ينظر له داراً ينزل فيها ، ويخبره أنه يقيم إلى أن يصل إليه الرسول . ثم سار زيادة الله في أثر ابن القديم وجاء إلى مصر . فأنزله النوشري في دار ابن الجصاص ، وأنزل رجاله في دور كثيرة .
وأقام بمصر ثمانية أيام ثم خرج يريد بغداد . فتخلف عنه بمصر جماعة ممن كان معه ، فسار حتى وصل إلى الرملة ففقد وجوه رجاله ، فوجدهم هربوا عنه . وهرب له غلام بمائة ألف دينار ، وصار إلى النوشري والتحق بغلمانه . فكتب زيادة الله إلى بغداد بذلك . فورد الجواب إليه ، وإلى النوشري يؤمر فيه أن يبعث إليه بكل من تخلف عنه . ففعل النوشري ورد غلمانه وأصحابه إليه .
وسار زيادة الله حتى وصل إلى الرقة . وكتب إلى ابن الفرات الوزير أن يستأذن له المقتدر بالله في الدخول إلى الحضرة . فأتاه كتاب يؤمر فيه بالإقامة في الرقة حتى يأتيه رأي المقتدر . فأقام بها سنة فتفرق عنه رجاله وتشتت أمره . وباع عليه قاضي الرقة بعض خصيانه ، وذلك أنه كان معه خصيان لهم وضاءة وجمال . فلما أقام بالرقة أدمن شرب الخمر وسماع الملاهي . فاحتسب عليه محتسب عند القاضي ، وأقام بينة شهدت عليه أنه يفجر بأولئك الصقالية . فباعهم عليه . وتلطف زيادة الله في الدخول على المقتدر بالله فلم يؤذن له . وصرفه إلى النوشري وابن بسطام بمصر . وكتب المقتدر إليهما بتقويته بالرجال وأن يعطي من خراج مصر ما يقيم أود عسكره حتى يعود إلى المغرب ويطلب بثأره ويسترجع دولته .

الصفحة 83