كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 88 """"""
أصحابه فلا يؤثر نفسه بشيء . فحسده كثير من قبائل صنهاجة لأن كل قبيل كان يطمع أن يكون القائم منهم . فلما تحققوا أنه القائم اجتمعت القبائل من صنهاجة على زيري وحاربوه . وطالت الحرب بينهم فظفر بهم وقتل وسبي ورجع بالغنائم إلى الجبل .
فلما سمعت بذلك زنانة ، اجتمعوا وتحالفوا وكاتبوا من كان خلافه من صنهاجة وحالفوهم على حرب زيري . فاتصل ذلك به فخرج إليهم وضرب على زناتة بأرض مغيلة في الليل وهم مطمئنون ، فقتلهم وسباهم ، وقطع منهم رؤوساً كثيرة .
وخرج إلى جبي تطيري وقد امتلأت أيدي أصحابه من الغنائم ، وأخذ من خيلهم ثلاثمائة فرس فحمل أصحابه عليها . وشاع خبره في سائر أقطار المغرب وتسامع الناس به ، فعظموا أمره واستهالوه . واجتمع غليه كل من فيه منعة . فكثر أصحابه وضاق بهم المتسع . فقالوا له : " لو رأيت مكاناً أوسع من مكاننا هذا " . فأتي إلى موض آشير ، وهو إذ ذاك ليس فيه ساكن وفي عيون ، فاستحسنه .
ذكر بناء مدينة آشير
قال : ولما نظر زيري إلى موضعها قال لأصحابه : " هذا موضعكم الذي يصلح أن تسكنوه " وعزم على بنائها ، وذلك في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة أيام القائم بأمر الله بن المهدي . قال : وأمر زيري بإحضار البنائين والنجارين من حمزة والمسيلة وطبنة . وبعث إلى القائم بأمر الله في طلب صناع . فبعث إليه برجل لم يكن بإفريقية أعلم منه . وأعانه بعدة كثيرة من الحديد وغيره .
وشرع زيري في البناء إلى أن كملت المدينة .
وكانت زناتة قد استطالت على أهل تلك الناحيةت من أيام بني الأغلب ثم تزايد ضررهم في أيام المهدي والقائم ببناء زيري هذه المدينة ، حمد الله على ذلك وقال : مجاورة العرب خير لنا من مجاورة البربر . وأعانه وساعده . ثم خرج زيري إلى طبنة والمسيلة وحمزة ، فنقل منها وجوه الناس إلى مدينة أشير . فعمرت وجائت حصنا منيعا لا يقاتل إلا من شرقيها يحميها عشرة من الرجال ولو