كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 9 """"""
المسير . فبعض الناس يقول : دخل المدينة من سبيطلة في عشرين ليلة ، وبعضهم يقول : وافى المدينة يوم أربعة وعشرين ، ولا يستغرب ذلك من مثله . فلما وصل المدينة أمره عثمان أن يصعد المنبر فيعلم الناس بما فتح الله عليهم . فبلغ الزبير . فجاء إلى المسجد ونال من عثمان بكلمات ، وقال : بلغ من عبد الله بن الزبير أن يرقى موضعاً كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يطأه بقدمه وددت والله أنيّ متّ قبل هذا وقيل : إنّ عبد الله لم يرق المنبر ، وإنما وقف بإزائه وخطب ، وعثمان على المنبر جالساً .
قال : وكان فعل عبد الله بن الزبير في القتال بإفريقية كفعل خالد ابن الوليد بالشام ، وعمرو بن العاص بمصر ، رضي الله عنهم أجمعين .
قال : ثم انصرف عبد الله بن سعد إلى مصر إثر سفر ابن الزبير .
قال : وكان مقام الجيش بإفريقية خمسة عشر شهراً ، ولم يفقد من المسلمين إلا ناس قلائل . ثم كان بعد ذلك من مقتل عثمان وخلاف عليّ ومعاوية ما قدمنا ذكره ، إلى أن استقر أمر معاوية فاستعمل معاوية بن حديج .
ذكر ولاية معاوية بن حديج الكندي وفتح إفريقية ثانيا
ً كانت ولايته في سنة خمس وأربعين من الهجرة . وسبب ذلك أن هرقل صاحب القسطنطينية كان يؤدّي إليه من كل ملك من ملوك البر والبحر إتاوة معلومة في كل سنة . فلما بلغه ما صالح عليه أهل إفريقية عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، بعث بطريقاً إلى إفريقية يقال له أوليمة وأمره أن يأخذ من أهلها ثلاثمائة قنطار ذهباً كما أخذ منهم ابن أبي سرح . فنزل البطريق قرطاجنّة وأخبرهم بأمر الملك . فأبوا عليه ونابذوه وقالوا : الذي كان بأيدينا من الأموال فدينا به أنفسنا ، والملك فهو سيدنا يأخذ منا كما كنا نعطيه في كل سنة . وكان القائم بأمر إفريقية بعد جرجير رجل يقال له جناحة ، فطرد أوليمة البطريق .
ثم اجتمع أهل إفريقية وولوا على أنفسهم رجلاً يقال له الأطريون وقيل فيه : الأطيلون . فسار جناحة إلى الشام إلى معاوية بن أبي سفيان . فذكر له حال إفريقية

الصفحة 9