كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 90 """"""
ذكر الحرب بين زيري وزناتة
قال : ثم إن كمات بين مديني الزناتي سيد زناتة جيش واحتفل ونزل على أشير ، فخرج إليه زيري . وكانت بينهم حروب يطول شرحها . وكان لزيري ولد صغير اسمه كباب استخلفه على البلد ، ومنعه من الخروج لصغر سنه . فلما سمع الصياح وضرب الطبول ، ليس لأمة الحرب وركب وهو إذ ذاك لم يراهق الحلم وخرج من باب المدينة . وكان كمات قد أبلى في ذلك اليوم بلاء حسنا ، وقتل جماعة من أصحاب زيري . فوقعت عيم كباب عليه فقصده ، وعلا عليه منت فوق ربوة ، فضربه على عاتقه . وكانت على كمات درع ، فقدت الضربة الدرع والعاتق ، وسقطت ذراع كمات إلى الأرض . فخر صريعا والناس ينظرون إليه ولا يعلمون من هو قاتله . فلما صرع انهزم أصحابه . ورورجع كباب إلى المدينة ودخل من الباب الذي خرج منه ، فسمي باب كباب . قال : ولما قتل كمات وقع التكبير والصياح . فجاء بعض الجند إلى زيري وكان قد نظر كباب وعرفه عند ضربه لكمات وقال له : إن ابنك كباب قاتله . وأتى بجماعة من أصحابة أسارى ، فأمر زيري بضرب أعناقهم وصلب جماعة من كبارهم .
قال : ثم ظهر في جبل أوراس قائم يقال له سعيد بن يوسف ، وأظهر النفاق على المنصور بن القائم ، فأخرج إليه زيري ولده بلكين في جيش كثيف . فلقيه في موضع بفحص أبي غزالة ، من غربي باغاية فاقتتلوا . وكان سعيد قد احتفل في جمع من هوارة وغيرهم . فهزمهم بلكين وقتل سعيدا وجماعة من أصحابة . وأنفذ برؤوسهم إلى المنصور على فقوي الحسد لزيري من جميع القبائل ، وجمعوا عليه الجموع ، وكان منصورا على جميع من عانده .
ذكر مقتل زيري
كان مقتله في شهر رمضان سنة ستين وثلاثمائة في أيام المعز لدين الله المنصور بن القائم بن المهدي . وسبب ذلك أن جعفر بن علي صاحب المسيلة كان

الصفحة 90