كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 92 """"""
صنهاجة صبراً جميلاً . ثم انهزمت زناتة ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وسبي جميع نسائهم ، ونهب أموالهم . وهرب من بقي منهم . ونزل في موضع المعركة ثلاثة أيام . فشكا صنهاجة ريح القتلى . فنادى أن لا يطبخ في العسكر قدر إلا على ثلاثة رؤوس من رؤوس القتلى . وجل الجثي أكواماً . وصعد المؤذنون فأذنوا عليها . ثم رجع إلى آشير .
فلما اتصل بالمعز لدين الله ما فعل يوسف بزناتة ، أعجبه ذلك وسر بقتلهم . فزاده على ما كان لأبيه المسيلة وأعمالها التي كانت لجعفر بن علي .
ثم كتب المعز إلى يوسف في المحرم سنة إحدى وستين وثلاثمائة في القدوم عليه وأن لا يتشاغل بقتال أحد . وأمره أن لا يعترض زناتة ولا غيرها في هذا الوقت ، وأن يستعمل اللين والرفق بزناتة ، ويرد عليهم ما سبي من نسائهم وأولادهم . فامتثل يوسف ما أمره المعز به . ورد على زناتة سباياهم . وتجهز للمسير إليه . واستعمل على تاهرت وآشير والمسيلة وبسكرة وطبنة وباغاية ومجانة عمالاً من عبيده . وسار حتى قدم على المعز . فلما دخل عليه ، أكرمه وأثنى عليه وحمد أفعال ، وذكر فراسته فيه واختياره له . وخلع عليه خلعته التي كانت عليه . ونزع سيفه فقلده إياه بيده . وأمر أن يحمل بين يديه عند خروجه من عنده أربعون تختاً من فاخر الكسا ومعها رزم مما يخلع على أصحابه . وقادوا بين يديه أربعين فرساً بالسروج المحلاة المثقلة . فشق ذلك على الكتاميين وحسدوه وتكلموا عليه عند المعز وعابوه ، فلم يضره ذلك . ولما عزم المعز على الرحيل إلى مصر . أتاه بلكين بألفي جمل لحمل أمواله من إبل زناتة .
ذكر ولاية أبي الفتوح يوسف بلكين بلاد المغرب
وهو أول ملوك بني زيري . وذلك أن المعز لدين الله أبا تميم معد بن المنصور بنصر الله بن القائم بأمر الله بن المهدي لما توجه من المنصورية إلى ديار مصر في سنة

الصفحة 92