كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)

"""""" صفحة رقم 93 """"""
إحدى وستين وثلاثمائة بعد أن فتحها القائد جوهر له توجه بجميع من كان في قصره وأهل بيته . ورحل معه يوسف إلى سردانية ، فسلم إليه إفريقية وأعمالها وسائر أعمال المغرب ، وذلك في يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي الحجة سنة إحدى وستين وثلاثمائة . وأمر سائر الناس بالسمع والطاعة له . وفوض إليه جميع الأعمال إلا جزيرة صقلية فإنها كانت بيد أبي القاسم على بن حسن بن علي ابن أبي الحسين ، وكذلك طرابلس فإن المعز جعل عليها عند وصوله إليها عبد الله بن يخلف الكتامي فلم تزل بيده إلى أن توفى المعز . ثم سلمها ابنه نزار إلى يوسف هي وسرت وما والاهما في سنة سبع وستين وثلاثمائة ، بسؤال يوسف لذلك .
قال : ولما ولي المعز يوسف ، ولي أيضاً أبا مضر زيادة الله بن عبيد الله بن القديم نظر الدواوين بسائر كور إفريقية . وقال ليوسف عند وداعه : " إني تركت زيادة الله بن القديم عوناً لك على جميع الأموال بإفريقية ، كبّره " . وأوصاه وصايا كثيرة كان آخرها أن قال له : يا يوسف ، إن نسيت مما أوصيتك به فلا تنس ثلاثة أشياء : لا ترفع الجباية عن أهل البلاد ، ولا ترفع السيف عن البربر ، ولا تولّ أحداً من إخوتك فإنهم يرون أنهم أحق بهذا الأمر منك ، واستوص بأبي مضر خيراً .
ثم ودعه يوسف ورجع . فكان دخوله إلى المنصورية في يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين وثلاثمائة . فنزل بقصر السلطان وخرج إليه أهل القيروان وتلقوه ، وأظهروا الفرح بمقدمة والبشر والسرور . فأخرج العمال وجبار الأموال إلى سائر البلدان ، وعقد الولايات للعمال . فاستقامت الأمور بحسن تدبيره .
ولما رتب ذلك كله رحل إلى المغرب في شعبان من السنة . فوصل إلى باغاية فولى عليها عاملاً ، وأمره أن يلطف بأهلها . ففعل . فدخلوا في الطاعة . ثم خالفوا فقاتلهم العامل ، فتحصنوا بمدينتهم . فهم يوسف أن يرجع إليهم ، فوافاه رسول خلوف بن محمد عامله على تيهرت يذكر أن أهلها خالفوا . فسار إليهم وقاتلهم . ودخل البلد بالسيف في شهر رمضان ، فقتل وسبي ونهب وأحرق البلد .
وأراد الرجوع إلى باغاية ، فأتاه الخبر أن زناتة قد نزلوا على تلمسان . فرحل

الصفحة 93