كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 95 """"""
كل من كان قد خالف مع ابن القديم . فكتب عبد الله إلى أبي الفتوح كتاباً يذكر فيه أن إفريقية قد استوت كلها له ، وأنه لا خوف بها إلا من الذين اجتمعوا مع ابن خير في القلعة . فرحل يوسف إلى القلعة ونازلها ، في عساكر عظيمة . فظفر بها في اليوم الرابع من منازلتها ، وهرب خلف ، وقتل في القلعة ما لا يحصى . وبعث منها سبعة آلاف رأس طوفها عبد الله في القيروان ثم بعثت إلى مصر . ونفى أكثر ممن قتل . وغنم جميع ما فيها . وسار خلف بن خير إلى بلد كتامة . فبعث إليهم يوسف يقول : " برئت الذمة ممن دفع عنه وآواه ، ومن فعل جازيته " . فأخذه القوم الذين انتهى إليهم ومعه ابنه وأخوه وخمسة من بني عمه ، وأتوا بهم إلى يوسف . فأحسن صلة من جاء بهم . وبعثهم إلى عبد الله الكاتب وأمره أن يشهرهم ويطوف بهم على الجمال . ففعل ذلك بهم ثم صلبهم وضرب أعناقهم ، وبعث برؤوسهم إلى مصر .
قال : ولما فتح أبو الفتوح هذه القلعة ، اختار من عبيدهم أربعة آلاف من الشجعان فشح بقتلهم لشجاعتهم وقربهم ، وأراد أن يجعلهم في جملة عبيده . فاتفق أن أحدهم سأل عن أبي الفتوح وقال : " عندي نصيحة " . فأشاروا إليه إي ابن عم لأبي الفتوح ولا يشك الذي أشار إليه أنه هو . فأتاه وقال له : " إني أريد أن أخبرك بنصيحة " . فلما دنا منه ، ضربه بسكين كانت معه فشق بطنه وأخرج أمعاءه فسقط من ساعته ميتاً . وكان ذلك الغلام لرجل ممن قتله أبو الفتوح في تلك القلعة . فعندها أمر بقتل أولئك فقتلوا في ساعة واحدة .
ثم بعث عشرة من أهل القيروان إلى باغاية يحذرهم المخالفة ويطلب منهم النزول على حكمه ، وإلا فعل بهم ما فعل بأهل القلعة فأجابوه إلى الطاعة ونزلوا على حكمه . فحكم أن يسلموا إليه المدينة ويمضوا حيث شاؤوا . ففعلوا ذلك ووفى لهم . وأخرب المدينة القديمة التي عليها السور ، وترك الربض ثم أتى إفريقية .
وأتاه الخبر بوفاة المعد لدين الله وولاية ابنه نزار بن معد فكتب إليه يوسف في سنة سبع وستين ، يسأله في طرابلس وسرت وأجدابية ، فأجابه ودفع ذلك إليه .