كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 96 """"""
وفي سنة تسع وستين ، رحل أبو الفتوح إلى فاس ، وسجلماسة وأرض الهبط . فملك ذلك كله وطرد منه عمال بني أمية .
ثم بعث إلى سبتة في طلب من لجأ إليها من زناتة . فلقي فيما قرب منها جبالاً شامخة وشعاري غامضة فأمر بقطعها وإطلاق النيران فيها حتى وجد العسكر فيها مسلكاً . وأمر عساكره بالوقوف . ومضى هو بنفسه وخواص أصحابه حتى أشرف على سبتة من جبل عال مطل عليها . فخاف أهل سبتة منه وغلقوا أبوابهم . فنظر إليها ورأى منعتها ، فعلم أنه لا يستطيعها إلا بالمراكب ، فرجع عنها .
ومضى يريد البصرة ، بصرة المغرب . فلما علمت به زناتة رحلوا بأجمعهم إلى الرمال والصحاري هاربين منه . ودخل البصرة وكانت قد عمرت عمارة عظيمة مع بني الأغلب . فأمر بنهبها وهدمها ، فهدمّت وحرقت .
ورحل بعساكره إلى بلد برغواطة ، وكان ملكهم عيسى بن أبي الأنصار شعوذياً ساحراً ، فسحر من عقولهم حتى جعلوه نبياً وأطاعوه في كل ما أمرهم به ، وشرع لهم شريعة ، وأتاهم بغير دين الإسلام . فاتبعوه فضلّ وأضلّهم . فغزاهم أبو الفتوح ، وكانت بينهم حرب شديدة لم ير مثلها ، كان الظفر للمسلمين . وقتل عيسى الكافر وتفرقت عساكره ، فقتلوا قتلاً ذريعاً . وسبي من نسائهم وذراريهم ما لا يحصى كثرة ، وأرسل بسبيهم إلى إفريقية .
ورجع أبو الفتوح وملك فاس وسجلماسة وبلد الهبط والبصرة وجميع بلدان المغرب . وأقام في تلك النواحي من سنة تسع وستين وثلاثمائة إلى سنة ثلاث وسبعين .
ذكر وفاة أبي الفتوح يوسف
كانت وفاته رحمه الله في يوم الأحد لسبع بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ، عند قفوله من برغواطة وقد فصل من سلجلماسة ، بموضع يقال له