كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 24)
"""""" صفحة رقم 99 """"""
ووصل كتاب السلطان نزار إلى المنصزور يعلمه أنه جعل الدعوة لعبد الله بن محمد الكاتب ، ويأمره بذلك . ففعل المنصور ذلك وأمر أن يفرش له قصر السلطان في الموضع المعروف بقصر الحجر ، وذلك في يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة منها . وجلس فيه المنصور وأقرباؤه ووجوه بني عمه . ثم دخل عبد الله فأخذ عليهم الدعوة ، وصار عبد الله داعيا . فذكر أنه لما تم هذا له مسح بيده على رأسه وقال : الآن قد خلصت من القتل وأمنت على شعري وبشري . وماعلم أن ذلك سبب هلاكه
ذكر مقتل عبد الله بم محمد وولده يوسف
قال : كان عبد الله قد بلغ مبلغا عظيما لم يبلغه أحد من قرابة المنصور وأهل دولته ، وانحصرت أمور المنصور كلها تحت قبضته . وأعطى الرياسة حقها ووثق بما قدم من نصحه . فرفع فيه حسن ابن خاله إلى المنصور أمورا من القدح في دولته ، وأنه كاتب ابن كلس وزير نزار ، واختلفت بينهم السفراء ، وعقد اللغدر بالمنصور ، فوجد ةالمنصور لذلك . وكان عبد الله لا يداري أحدا من أولاد زيري ووجوه بني مناد وغيرهم مكن أكابر الدولة . فلما أحسوا من المنصور بعض الأمر وشوا بعبد الله وطعنوا عليه فاستراب المنصور به وأراد إبقاءه مع التحرز منه ، فقال له : اعتزل عمل إفريقية واقتصر على الخاتم والكتابة ، وكل من تولى فهو متصرف تحت أمرك ونهيك . فكان جوابه أن قال : " القتلة ولا العزلة " . فلما كان يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رجب سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ، ركب المنصور فركب عبد الله وهو يقول :
ومن يأمن الدنيا يكن مثل قابض . . . على الماء خانته فروج الأصابع
فلما نزل المنصور ، نزل عبد الله فقبل يده . ثم وقف ودار بينهما كلام كثير لم يقف أحد علة صحته . فطعنه المنصور برمحه . فجعل أكمامه على وجهه وقال : " على ملة الله وملة رسوله " . ولم يسمع منه غير ذلك . وطعنه عبد الله أخو المنصور