كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 10 """"""
ذكر حملهم إلى العراق
قال المؤرخ : ولما حج المنصور في سنة أربع وأربعين ومائة أرسل محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة ومالك بن أنس إلى بني الحسن وهم في الحبس ، يسألهم أن يدفعوا إلى محمداً وإبراهيم ابني عبد الله ، فدخلا عليهم وعبد الله قائم يصلي فأبلغاهم الرسالة ، فقال حسن بن حسن أخو عبد الله : هذا عمل ابني المشئومة أما والله ما هذا عن رأينا ولا عن ملأ منا ولا لنا فيه حيلة فقال له أخوه إبراهيم : علام تؤذي أخاك في ابنيه ؟ وتؤذي ابن أخيك في أمه ؟ ثم فرغ عبد الله من صلاته فأبلغاه الرسالة ، فقال : والله ، لا أرد عليكما حرفاً ، إن أحب أن يأذن لي فألقاه فليفعل ، فانطلق الرسولان إلى المنصور فأبلغاه قوله ، فقال : أراد أن يسحرني لا والله لا ترى عينه عيني حين يأتيه بابنيه ، وكان عبد الله بن حسن لا يحدث أحداً قط . إلا قتله عن رأيه . ثم سار المنصور لوجهه ، فلما حج ورجع لم يدخل المدينة ومضى إلى الربذة ، فخرج إليه رياح إلى الربذة فرده إلى المدينة ، وأمره بأشخاص بني حسن إليه ، ومعهم محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أخو بني حسن لأمهم ، فرجع رياح وأخذهم وسار بهم إلى الربذة ، وجعلت القيود في أرجلهم وأعناقهم ، وجعلهم في محامل بغير وطاء ، ولما خرج بهم رياح من المدينة وقف جعفر بن محمد من خلف ستر يراهم ولا يرونه ، وهو يبكي ودموعه تجري على لحيته وهو يدعو الله ، ثم قال : والله ، لا تحفظ لله حرمه بعد هؤلاء ، ولما ساروا كان محمد وإبراهيم ابنا عبد الله يأتيان كهيئة الأعراب ، فيسايران أباهما ويستأذنانه في الخروج ، فيقول : لاتعجلا حتى يمكنكما ذلك وقال لهما إن منعكما أبو جعفر أن تعيشا كريمين ، فلا يمنعكما أن تموتا كريمين ، فلما وصلوا إلى الربذة أدخل محمد بن عبد الله العثماني على المنصور ، وعليه قميص وإزار رقيق ، فلما وقف بين يديه قال : أيها باديوث ، قال محمد : سبحان الله والله لقد عرفتني بغير ذلك صغيراً وكبيراً ، قال : فممن حملت ابنتك رقية ؟ وكانت تحت إبراهيم بن عبد الله بن حسن ، وقد أعطتني الأيمان ألا تغشني ، ولا تماليء على عدوا ، وأنت ترى ابنتك حاملاً وزوجها غائب فأنت بين أن تكون

الصفحة 10