كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 103 """"""
وقاتل من فيه وصدقهم أصحابه القتال فهزمهم ، فولوا وتركوا حصنهم في أيدي أصحاب الموفق ، فهدموه وأسروا وقتلوا وخلصوا من هذا الحصن خلقاً كثيراً من النساء والصبيان ، ورجع الموفق إلى عسكره بما أراد .
ذكر استيلاء الموفق على مدينة صاحب الزنج الغربية
قال : لما هدم الموفق سور صاحب الزنج أمر بإصلاح المسالك ، ليتسع على المقاتلة الطريق إلى الحرب ، ثم رأى قلع الجسر الأول الذي على نهر أبي الخصيب ، لما في ذلك من منع معاونة بعضهم بعضاً ، وأمر بسفينة كبيرة أن تملأ قصباً ويجعل فيه النفط ، ويوضع في وسطها دقل طويل يمنعها من مجاوزة الجسر إذا التصقت به ، ثم أرسلها عند غفلة الزنج وقوة المد ، فوافت الجسر وعلم بها الزنج فأتوها وطموها بالحجارة والتراب ، ونزل بعضهم فخرقها فعرقت ، وكان قد احترق من الجسر شيء يسير فأطفأه الزنج ، فاهتم الموفق بالجسر فندب أصحابه وأعد النفاطين والفعلة والفؤوس ، وأمرهم بقصده من غربيّ النهر وشرقيّة ، وركب الموّفق في أصحابه وقصد فوّهة نهر أبي الخصيب ، وذلك في منتصف شوال سنة تسع وستين فسبق الطائفة التي في غرب النهر ، فهزم الموكلين على الجسر وهم سليمان بن جامع وانكلاى ابن صاحب الزنج وأحرقوه ، وأتى بعد ذلك الطائفة الأخرى ففعلوا بالجانب الشرقي مثل ذلك ، فأحرق الجسر وتجاوزه إلى جانب حظيرة كان يعمل فيها سميريات صاحب الزنج وآلاته ، فاحترق ذلك كله إلا شيئاً يسيراً من الشذاوات والسميريات كانت في النهر ، وقصدوا سجناً للزنج فقاتلهم الزنج ساعة من النهار ، ثم غلبهم أصحاب الموفق عليه فأطلقوا من فيه ، وأحرقوا ما مروا به إلى دار مصلح - وهو من قدماء أصحابه - فدخلوها فنهبوها وما فيها وسبوا نساءه وولده واستنفذوا خلقاً كثيراً ، وعاد الموفق وأصحابه بالظفر والسلامة ، وانحاز صاحب الزنج وأصحابه من هذا الجانب إلى الجانب الشرقي من نهر أبي الخصيب ، واستولى الموفق على الجانب الغربي غير طريق يسيرة على الجسر الثاني ، فأصلحوا الطرق فزاد ذلك في رعب الزنج ، فأجمع كثير من القواد - الذين كان صاحب الزنج يرى أنهم لا يفارقونه - على طلب الأمان فطلبوه ، فبذل لهم فخرجوا أرسالاً فأحسن الموفق إليهم وألحقهم