كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 11 """"""
حانثاً أو ديوثاً ، وأيم الله لأهم برجمها ، قال محمد : أما أيماني فهي على ، إن كنت دخلت لك في أمر غش علمته ، وأما ما رميت به هذه الجارية فإن الله قد أكرمها بولادة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إياها ، ولكني ظننت حين ظهر حملها أن زوجها ألم بها على حين غفلة منا ، فاغتاظ المنصور من كلامه ، وأمر بشق ثيابه وإزاره فبدت عورته ، ثم أمر به فضرب خمسين ومائة سوط ، فبلغت منه كل مبلغ والمنصور يفتري عليه لايكني ، فأصاب سوط منها وجهه ، فقال : ويحك اكفف عن وجهي ، فإن له حرمة برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأغرى المنصور فقال للجلاد : الرأس الرأس ، فضرب على رأسه نحواً من ثلاثين سوطاً ، وأصاب إحدى عينيه سوط فسألت ، ثم أخرج وكأنه زنجي من الضرب ، وكان من أحسن الناس ، وكان يكني الديباج لحسنه ، فلما أخرج وثب إليه مولى له فقال : ألا أطرح ردائي عليك ، قال : بلى جزيت خيراً ، والله لشق إزاري أشد على من الضرب . وكان سبب أخذه أن رياحا قال للمنصور : يا أمير المؤمنين ، أما أهل خراسان فشيعتك ، وأما أهل العراق فشيعة آل أبي طالب ، وأما أهل الشام فوالله ما على عندهم إلا كافر ، ولكن محمد بن عبد الله العثماني لو دعا أهل الشام ما تخلف عنه منهم أحد ، فوقعت في نفس المنصور فأمر به فأخذ معهم ، وكان حسن الرأي فيه قبل ذلك .
ثم إن أبا عون كتب إلى المنصور أن أهل خراسان قد تقاعسوا عني ، وطال عليهم أمر محمد بن عبد الله العثماني ، فأمر المنصور به فقتل ، وأرسل رأسه إلى خراسان ، وأرسل معه من يحلف أنه رأس محمد بن عبد الله ، وأن أمه فاطمة بنت الحسين بن علي ، فلما قتل قال أخوه عبد الله ، بن الحسن : إنّ لله إن كنا لنأمن به في سلطانهم ، ثم قد قتل بنا في سلطاننا . قال : ثم سار بهم المنصور من الربذة فمر بهم وهو على بغلة شقراء ، فناداه عبد الله بن حسن : يا أبا جعفر ، ماهكذا فعلنا بأسراكم يوم بدر ، فأخسأه أبو جعفر وتغل عليه ومضى ، فلما قدموا إلى الكوفة قال عبد الله لمن معه : ألا ترون في هذه القرية من يمنعنا من هذا الطاغية قال : ، فلقيه الحسن وعلى ابنا حي مشتملين على سيفين ، فقالا له : قد جئناك يا ابن رسول الله ، فمرنا بالذي تريد ، قال : قد قضيتما ما عليكما ، ولن تغنيا في هؤلاء شيئاً فانصرفا ، فانصرفا ، ثم إن المنصور أودعهم بقصر ابن هبيرة شرقي الكوفة ، وأحضر المنصور محمد بن إبراهيم بن حسن ، وكان أحسن الناس صورة ، فقال له : أنت الديباج الأصغر ؟ قال : نعم ، قال : لأقتلنك قتلة لم أقتلها أحدا ، ثم أمر به فبنى عليه أسطوانة وهو حي ، فمات فيها ، وهو أول من مات منهم ، ثم عبد الله بن حسن ، ثم مات

الصفحة 11