كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 14 """"""
المسور بن مخرمة ؛ وقيل كان على شرطته عبد الحميد بن جعفر فعزله ، وأرسل محمد إلى محمد بن عبد العزيز : إن كنت لأظنك ستنصرنا وتقوم معنا ، فاعتذر إليه وقال افعل ، ثم انسل منه وأتى مكة ، ولم يتخلف عن محمد أحد من وجوه الناس ، إلا نفر منهم الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن حزام ، وعبد الله بن المنذر بن الغيرة بن عبد الله بن خالد ، وأبو سلمة بن عبيد الله بن الله بن عمر ، وخبيب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير . وكان أهل المدينة قد استفتوا مالك بن أنس في الخروج مع محمد ، وقالوا : إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر ، فقال : إنما بايعتم مكرهين ؛ وليس على مكره يمين ، فأسرع الناس إلى محمد ، ولزم مالك بيته ، وأرسل محمد إلى إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وكان شيخاً كبيراً ، فدعاه إلى بيعته فقال : يا ابن أخي ، أنت والله مقتول فكيف أبايعك فارتدع الناس عنه قليلاً ، وكان بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر قد أسرعوا إلى محمد ، فأنت حمادة ابنة معاوية إلى إسماعيل بن عبد الله ، وقالت له يا عم : إن إخوتي قد أسرعوا إلى ابن خالهم ، وإنك إن قلت هذه المقالة ثبطت الناس عنهم ، فيقتل ابن خالي وإخوتي ، فأبى إسماعيل إلا النهي عنه ، فيقال إن حمادة عدت عليه فقتلته ، فأراد محمد الصلاة عليه فمنعه عبد الله إبن إسماعيل ، وقال : أتأمر بقتل أبي وتصلي عليه فنحاه الحرس وصلى عليه محمد .
ولما ظهر محمد كان محمد بن خالد القسري في حبس رياح فأطلقه ، قال محمد بن خالد : لما سمعت دعوة محمد إلى دعا إليها على المنبر ، قلت : هذه دعوة حق ، والله لأبلين الله فيها بلاء حسناً ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنك قد خرجت بهذا البلد ، والله لو وقف على نقب من أنقابه أحد ، مات أهله جوعاً وعطشاً ، فانهض معي فإنما هي عشر حتى أضربه بمائة ألف سيف ، فأبى علي ، فبينما أنا عنده إذ قال : ما وجدنا من حر المتاع شيئاً أجود من شيء وجدناه عند إبن أبي فروة ختن أبي الخصيب ، وكان انتهبه ، قال ، فقلت له : ألا أراك قد أبصرت حر المتاع ، فكتبت إلى المنصور فأخبرته بقلة من معه ، فأخذني محمد فحبسني حتى أطلقني عيسى بن موسى بعد قتله إياه . وكان رجل من آل أويس بن أبي سرح العامري - عامر بن لؤي - إسمه الحسين بن صخر بالمدينة لما ظهر محمد ، فسار من ساعته إلى المنصور فبلغه في تسعة أيام ، فقدم ليلا فقام على أبواب المدينة ، فصاح حتى علموا به فأدخلوه ، فقال له الربيع : ما حاجتك هذه الساعة وأمير المؤمنين نائم ، قال : لا بدلي منه ، فدخل الربيع على المنصور فأخبره خبره ، وأنه قد طلب مشافهته فأذن له ، فدخل عليه فقال :

الصفحة 14