كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 15 """"""
يا أمير المؤمنين ، خرج محمد بن عبد الله بالمدينة ، قال : قتلته والله ؛ إن كنت صادقاً ، قال : أخبرني من معه ؟ فسمى له من معه من وجوه أهل المدينة وأهل بيته ، قال : أنت رأيته ؟ قال : أنا رأيته وعاينته وكلمته على منبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جالساً ، فادخله أبو جعفر بيتا ، فلما أصبح جاءه رسول لسعيد بن دينار - غلام عيسى ابن موسى يلي أمواله بالمدينة ، فأخبره بأمر محمد وتواترت عليه أخباره ، فأخرج الأويسي فقال : لأوطئن الرجال عقبيك ولأغنينك ، وأمر له بتسعة آلاف درهم ، لكل ليلة ألف درهم ، وأشفق من محمد ، فقال له الحارثي المنجم : يا أمير المؤمنين ، ما يجزعك منه ؟ فوالله لو ملك الأرض ما لبث إلا تسعين يوما ، فأرسل المنصور إلى عمه عبد الله بن علي وهو محبوس : إن هذا الرجل قد خرج فإن كان عندك رأى فأشر به علينا ، وكان ذا رأى عندهم ، فقال : إن المحبوس محبوس الرأي ، فأرسل إليه المنصور : لو جاءني حتى يضرب بابي ما أخرجتك ، وأنا خير لك منه ، وهو ملك أهل بيتك ، فأعاد إليه عبد الله : ارتحل الساعة حتى تأتي الكوفة ، فاجثم على أكبادهم فإنهم شيعة أهل هذا البيت وأنصارهم ، ثم احففها بالمسالح ، فمن خرج منها إلى وجه من الوجوه ، أو أتاها من وجه من الوجوه ، فاضرب عنقه ، وابعث إلى سلم بن قتيبة ينحدر إليك وكان بالري ، واكتب إلى أهل الشام فمرهم : أن يحملوا إليك من أهل البأس والنجدة ما حمل البريد ، فأحسن جوائزهم ووجههم مع سلم ، ففعل . وقيل أرسل المنصور إلى عبد الله اخوته يستشيرونه في أمر محمد ، وقال لهم : لا يعلم عبد الله أني أرسلتكم إليه ، فلما دخلوا عليه قال : لأمر ما جئتم ، ما جاء بكم جميعاً وقد هجرتموني جميعاً ؟ قالوا استأذنا أمير المؤمنين فأذن لنا ، قال : ليس هذا بشيء ، فما الخبر ؟ قالوا : خرج محمد بن عبد الله ، قال : فما ترون ابن سلامة صانعاً - يعني المنصور ؟ قالوا : لا ندري والله ، قال : إن البخل قد قتله ، فمروه فليخرج الأموال ، وليعط الأجناد ، فإن غلب فما أسرع ما يعود إليه ماله ، وإن غلب لم يقدم صاحبه على دينار ولا درهم . قال : ولما ورد الخبر على المنصور بخروج محمد ، كان قد خط مدينة بغداد بالقصب ، فسار إلى الكوفة ومعه عبد الله بن الربيع ابن عبيد الله بن عبد المدان ، فقال له المنصور : إن محمداً قد خرج بالمدينة ، فقال عبد الله : هلك والله وأهلك ، خرج من غير عدد ولا رجال . حدثني سعيد بن عمر بن جعدة المخزومي قال : كنت مع

الصفحة 15