كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 16 """"""
مروان يوم الزاب واقفاً فقال لي مروان : من هذا الذي يقاتلني ؟ قلت : عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس ، قال : وددت والله أن علي بن أبي طالب يقاتلني مكانه ، إن عليا وولده لاحظ لهم في هذا الأمر ، وهذا رجل من بني هاشم وابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ومعه ريح الشام ونصر الشام ، يا ابن جعدة : تدري ما حملني على أن عقدت لعبد الله وعبيد الله بعدي ، وتركت عبد الملك وهو أكبر من عبيد الله ، قال ابن جعدة : لا ، قال : وجدت الذي يلي هذا الأمر عبد الله وعبيد الله ، وكان عبيد الله أقرب إلى عبد الله من عبد الملك فعقدت له ، فاستحلفه المنصور على صحة ذلك فحلف له فسرى عنه . قال : ولما بلغ المنصور خبر ظهور محمد قال لأبي أيوب وعبد الملك : هل من رجل تعرفانه بالرأي نجمع رأيه إلى رأينا ؟ قالا بالكوفة : بديل بن يحيى ، وكان السفاح يشاوره ، فأرسل إليه ، وقال له : إن محمدا قد ظهر بالمدينة قال : فاشحن الأهواز بالجنود ، قال : إنه إنما ظهر بالمدينة ، قال : قد فهمت ، وإنما الأهواز الباب الذي تؤتون منه ، فلما ظهر إبراهيم بالبصرة قال له المنصور ذلك ، قال : فعاجله بالجنود واشغل الأهواز عليه ، وشاور المنصور أيضاً جعفر بن حنظلة البهراني عند ظهور محمد قال : وجه الجند إلى البصرة ، قال : انصرف عني حتى أرسل إليك ، فلما صار إبراهيم إلى البصرة أرسل إليه ، فقال له ذلك فقال : إياها خفت ، بادره بالجنود ، قال : وكيف خفت البصرة ؟ قال : لأن محمداً ظهر بالمدينة وليسوا أهل حرب ، بحسبهم أن يقيموا شأن أنفسهم ، وأهل الكوفة تحت قدمك ، وأهل الشام أعداء آل أبي طالب ، فلم يبق إلا البصرة .
ثم إن المنصور كتب إلى محمد بن عبد الله كتاباً ابتدأه بأن قال : بسم الله الرحمن الرحيم " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض " ، ولك عهد الله وميثاقه وذمة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن أؤمنك وجميع ولدك واخواتك وأهل بيتك ومن اتبعكم على دمائكم وأموالكم وأسوغك ما أصبت من دم أو مال وأعطيك ألف ألف درهم ، وما سألت من الحوائج وأنزلك من البلاد حيث شئت ، وأن أطلق من في حبسي من أهل بيتك ؛ وأن أؤمن كل من جاءك وبايعك واتبعك أو دخل في شيء من أمرك ، ثم لا أتبع أحداً منهم بشيء كان منه أبدا ، فإن أردت أن تتوثق لنفسك فوجه من أحببت يأخذ لك من الأمان والعهد والميثاق ما تتوثق به والسلام .

الصفحة 16