كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 18 """"""
" بسم الله الرحمن الرحيم " أما بعد فقد بلغني كلامك ، وقرأت كتابك فإذا جل فخرك بقرابة النساء ، لتضل به الجفاة والغوغاء ، ولم يجعل الله النساء كالعمومة والآباء ، ولا كالعصبة والأولياء ، لأن الله جعل العم أباً ، وبدأ به في كتابه على الوالدة الدنيا ، ولو كان اختار الله لهن على قدر قرابتهن ، لكانت آمنة أقربهن رحماً ، وأعظمهن حق ، وأولى من يدخل الجنة غدا ، ولكن اختار الله لخلقه على علمه فيما قضى فيهم واصطفائه لهم ؛ وأما ما ذكرت من فاطمة أم أبي طالب وولادتها ، فإن الله لم يرزق أحداً من ولدها الإسلام ، لا بنتاً ولا ابناً ، ولو أن رجلاً رزق الإسلام بالقرابة رزقه عبد الله ، ولكان أولاهم بكل خير في الدنيا والآخرة ، لكن الأمر يختار لدينه من يشاء ، قال الله عز وجل " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين " ، ولقد بعث الله محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) وله عمومة أربعة ، فأنزل الله عز وجل " وأنذر عشيرتك الأقربين " ، فأنذرهم ودعاهم فأجاب اثنان أحدهما أبى ، وأبى اثنان أحدهما أبوك ، فقطع الله ولايتهما منه ، فلم يجعل بينه وبينهما إلا ولا ذمة ولا ميراثاً ؛ وزعمت أنك ابن أخفع أهل النار عذابا ، وابن خير الأشرار ، وليس في الكفر بالله صغير ، ولا في عذاب الله خفيف ولا يسير ، وليس في الشر خيار ، ولا ينبغي لمؤمن - يؤمن بالله - أن يفخر بالنار ، وسترد فتعلم ، " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " ؛ وأما أمر حسن وأن عبد المطلب ولده مرتين ، وأن النبي ولدك مرتين ، فخير الأولين والآخرين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لم يلده هاشم إلا مرة ، ولا عبد المطلب إلا مرة ؛ وزعمت أنك أوسط بني هاشم نسباً وأصرحهم أماً وأباً ، وأنه لم تلدك العجم ، ولم تعرق فيك أمهات الأولاد ، فقد رأيتك فخرت على بني هاشم طراً ، فانظر ويحك أين أنت من الله غدا فإنك قد تعديت طورك ، وفخرت على من هو خير منك - نفساً وأباً وأولاً وآخراً - إبراهيم ابن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وما خيار بني أبيك خاصة وأهل الفضل منهم إلا بنوا أمهات الأولاد ، ما ولد فيكم بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أفضل من علي بن حسين ، وهو لأم ولد ولهو خير من جدك حسن بن حسن ، وما كان فيكم بعده مثل محمد بن علي ، وجدته أم ولد ، ولهو خير من أبيك ، ولا مثل ابنه جعفر وجدته أم ولد ، وهو خير منك ؛ وأما قولك إنكم بنو رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فإن الله تعالى يقول في كتابه " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله . . . . . . " ، ولكنكم بنو ابنته وإنها لقرابة قريبة ، ولكنها لا تجوز الميراث ولا ترث الولاية ، ولا تجوز لها الإمامة

الصفحة 18