كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 187 """"""
" بسم الله الرحمن الرحيم " - رسوم النطقاء ومذاهب الأئمة والأنبياء ومسالك الرسل والأوصياء ، السلف والآنف منا صلوات الله علينا وعلى آبائنا ، أولى الأيدي والأبصار في متقدم الدهور والأكوار وسالف الأزمان والأعصار عند قيامهم بأحكام الله ، وانتصابهم لأمر الله ، بالابتداء بالإعذار والانتهاء بالإنذار ، قبل إنفاذ الأقدار في أهل الشقاق والإصرار ، لتكون الحجة على من خالف وعصى ، العقوبة على من بان وغوى ، حسبما قال الله جل وعز " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً " " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " وقوله سبحانه " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين " " فإن آمنو بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق " ، أما بعد أيها الناس : فإنا نحمد الله بجميع محامده ونمجده بأحسن مماجدة ، حمداً دائماً أبداً ومجداً عالياً سرمدا ، على سبوغ نعمائه وحسن بلائه ، ونبتغي إليه الوسيلة بالتوفيق والمعونة ، على طاعته والتسديد في نصرته ، ونستكفيه ممايلة الهوى والزيغ عن قصد الهدى ، ونستزيد منه إتمام الصلوات وإفاضة البركات وطيب التحيات ، على أوليائه الماضين وخلفائه التالين ، منا ومن آبائنا الراشدين المهديين المنتخبين ، الذين قضوا بالحق وكانوا به يعدلون . أيها الناس " قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن أعمى فعليها " ليذكر من تذكر وينذر من أبصر واعتبر . أيها الناس : إن الله جل وعز إذا أراد أمراً قضاه ، وإذا قضاه أمضاه ، وكان من قضائه فينا قبل التكوين أن خلقنا أشباحاً ، وأبرز أرواحنا بالقدرة مالكين ، وبالقوة قادرين ، حين لا سماء مبينة ، ولا أرض مدحية ، ولا شمس تضيء ، ولا قمر يسرى ، ولا كوكب يجري ، ولا ليل يجن ، ولا أفق يكن ، ولا لسان ينطق ولا جناح يخفق ، ولا ليل ؛ ولا نهار ، ولا فلك دوار ، ولا كوكب سيار ، فنحن أول الفكرة ، وآخر العمل بقدر ومقدور ، وأمر في القدوم مبرور ، فعندما تكامل الأمر وصح العزم أنشأ الله جل وعز المنشآت فأبدأ الأمهات من هيولانا ، فطبعنا أنواراً وظلمة وحركة ، وسكونا ، فكان من حكمة السابق في عمله ما ترون من فلك دوار ، وكوكب سيار ، وليل ونهار ، وما في الآفاق من آثار معجزات ، وأقدار باهرات ، وما في الأقطار من الآثار ، وما في النفوس من الأجناس والصور والأنواع ، من كثيف ولطيف ، وموجود ومعدوم وظاهر وباطن ، ومحسوس وملموس ،

الصفحة 187