كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 188 """"""
ودان وشاسع ، وهابط وطالع كل ذلك لنا ومن أجلنا ، دلالة علينا وإشارة إلينا ، يهدي الله ما كان له لب سجيح ، ورأى صحيح ، قد سبقت منا له الحسنى ، فدان بالمعنى ، ثم إنه جل وعلا أبرز من مكنون العلم ومخزون الحكم آدم وحواء أبوين ذكراً وأنثى ، سبباً لإنشاء البشرية ، ودلالة لاظهار القدرة القوية الكونية ، وزوج بينهما فتوالدا الأولاد ، وتكاثرت الأعداد ، ونحن ننقل في الأنصاب الزكية والأرحام الطاهرة المريضة ، كلمنا ضمنا من صلب ورحم أظهر منا قدرة وعلماً وهلم جرا إلى آخر الجد الأول والأب الأفضل سيد المرسلين وإمام النبيين أحمد ومحمد صلوات الله عليه وعلى آله في كل ناد ومشهد ، فحسن آلاؤه وبان غناؤه ، وأباد المشركين وقصم الظالمين ، وأظهر واستعمل الصدق ، وبان بالأحدية ودان بالصمدية ، فعندها ، فعندها سقطت الأصنام وانعقد الإسلام ، وظهر الأيمان وبطل السحر والقربان ، وارتفع الكفر والطغيان ، وخمدت بيوت النيران وهربت عبدة الأوثان ، وأتى بالقرآن شاهداً بالحق والبرهان فيه خير ما كان وما يكون إلى يوم الوقت المعلوم ، مبيناً عن كتب تقدمت في صحف قد نزلت ، تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة ونوراً وسراجاً منيراً ، وكل ذلك دلالات لنا ومقدمات بين أيدينا ، وأسباب لإظهار أمرنا ، هدايات وشهادات ، وسعادات قدسيات إلا هيات أوليات كائنات ، منشآت مبديات معيدات وما من ناطق نطق ولا نبي بعث ولا وصى ظهر إلا قد أشار إلينا ، ولوح بنا ودل علينا في كتابه وخطابه ، ومنار أعلامه ومرموز كلامه ، ما هو موجود غير معدوم وظاهر وباطن ، يعلمه من سمع الندا أو شاهد ورأى ، من الملأ الأعلى ، فمن أغفل منكم أو نسى أو ضل أو غوى فلينظر في الكتب الأولى والصحف المنزلة ، وليتأمل آي القرآن وما فيه من البيان ، وليسأل أهل الذكر إن كان لا يعلم ، فقد أمر الله عز وجل " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " .
قال : وهذا الكتاب طويل جداً لا طائل فيه ، قطعناه ههنا وسنذكر جملة من هذا الكتاب في أخبار المعز لدين الله غير ما في هذا الموضع ، على ما نقف عليه إن شاء الله تعالى في موضعه .
قال : والجواب من الحسن بن أحمد القرمطي الأعصم : وصل إلينا كتابك الذي تفصيله وقل تحصيله ، ونحن سائرون على أثره والسلام .

الصفحة 188