كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 190 """"""
من غد في عقبة دمر ، وكان الجند قبل ذلك قد طلبوا منه الرزق ، فقال : ما معي مال ، فلما ورد إليه خبر ظالم أعطي الجند على السرج دينارين لكل رجل ، ثم إن ظالماً أصبح من غد ذلك اليوم في عقبة دمر ، فخرج أبو المنجى وابنه بمن معهما إلى الميدان للقتال ، فذكر أن ظالماً أنفذ إلى أبي المنجى رسولاً يقول له : إنما جئت مستأمناً إليكم ، وقد كان الجند حقدوا على أبي المنجى من جهة الرزق ، فلما صار ظالم في عقبة دمر مشرفاً على دمشق ذهب قوم من الجند نحو العقبة ، فاستأمنوا إلى ظالم وتبعهم قوم بعد قوم ، فقوى طمع ظالم بهم فانحدر من العقبة ، ثم سار بمن معه حتى قرب من أبي المنجى فأحاط به فلم يقدر على الهرب فأخذ هو وابنه من بعد أن وقعت فيه ضربة ، وانقلب عسكره إلى ظالم ، وملك ظالم البلد ، وذلك في يوم السبت لعشر خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة .
فلما تمكن ظالم ونزل البلد أوثق أبا المنجى وابنه ثم حبسهما ، وقبض على جماعة من أصحابه فأخذ أموالهم ، ثم قدم أبو محمود بعد ذلك دمشق في يوم الثلاثاء لثمان بقين من شهر رمضان ، فلقيه ظالم وتقرب إليه بأبي المنجي وابنه ، فعمل لكل واحد منهما قفصاً من خشب وحملهما إلى مصر فحبسا ، وكان بعد ذلك بين ظالم وأبي محمود وأخبار دمشق ما ليس ذكره في هذا الموضع من غرضنا ، فلنرجع إلى أخبار القرامطة .
ذكر عود القرامطة إلى الشام ووفاة الحسن بن أحمد
قال : وفي سنة خمس وستين وثلاثمائة كاتب هفتكين التركي وهو بالشام القرامطة ، وقد جرى بينه وبنين المغارية حروب ووقائع وانتصر بهم ، فكاتبوه بأنهم سائرون إلى الشام ، فوافوا دمشق في هذه السنة ، وكان الذي وافى منهم إسحاق وكسرى وجعفر ، فنزلوا ظاهر دمشق نحو الشماسية ، ووافى معهم كثير من العجم ممن كان من أصحاب هفتكين ، فلقي هفتكين القرامطة وحمل إليهم الأموال وأكرمهم وفرح بهم وأمن ، فأقاموا على دمشق أياماً ثم رحلوا متوجهين إلى الرملة ، وكان بها أبو محمود إبراهيم بن جعفر فتحصن منهم بيافا ، ونزلت القرامطة الرمل ونصبوا القتال على يافا ، حتى كل الفريقان من القتال وصار بعضهم يحدث بعضاً ، وأقامت القرامطة بالرملة يجبون المال ، فندب العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله - وكان قد ولى الأمر بعد وفاة أبيه - جوهر القائد إلى الخروج إلى الشام في سنة خمس وستين ، وحمل إليه

الصفحة 190